مجهول يسأل:
ما حجم الفائدة لدى شركات التوزيع الأمريكية مثل GKids و Funimation لدفع المال و ذلك لمحاولة ترشيح فيلم معين لنيل جائزة الأوسكار؟ و لماذا لا تساعد الشركات اليابانية في ترشيح أفلامها لنفس الجائزة ؟ ألا تكترث للأمر؟
تكمن الحقيقة البسيطة في أن تقديم فيلم أمام لجنة الأوسكار هو عملية تسويقية بالأساس و تشمل إرسال أقراص دي في دي بأعداد هائلة للأشخاص المناسبين، كما تشمل هذه العملية أيضا حملات إعلانية على المعلقات التجارية و عروضًا خاصة في مناطق معينة يوجد بها العديد من مصوتي جائزة الأوسكار (و بالأخص مدينتي نيويورك و لوس أنجلس) و هذا شيء لا يمكن لشركة أجنبية النجاح في تحقيقه، و لكن مع ذلك فإن العديد من الأعمال اليابانية تحلم بأن تكون جزءا من جائزة مرموقة كالأوسكار، فلذلك تقوم بالضغط على الموزع الأمريكي للقيام بدفعة تسويقية لها، و بالإعتماد على عقد الترخيص فإن المصاريف المرتبطة بعملية التسويق قد تكون إلى حد ما قابلة للإسترداد، أي أن بإمكان الشركات استرجاع المال الذي أنفقته على التسويق قبل القيام بإرسال العائدات إلى اليابان.
ترشيحات الأوسكار خاصة بالنسبة للأفلام الصغيرة (التي عادة ما تكون الأنمي) تعتبر صفقة ضخمة جدًا، فالإنتباه الذي يجلبه الفيلم يمكنه أن يمهد لمسار مسرحي واسع النطاق، كم يمكنه تعزيز مبيعات الأقراص و ذلك بمضاعفتها، و غير ذلك من دفع كبير للفيلم و عرضه خارج الحدود و التي ما تواجه الأفلام الصغيرة عادة وقتًا عصيبًا في تحقيقه. و بالتأكيد فإن الفوز سيكون عاملًا مؤثرًا على قواعد اللعبة كما كان الحال بالنسبة لهياو ميازاكي و فوزه بالأوسكار عن فيلم Spirited Away و تلك كانت المرة الأولى على الأرجح التي يسمع فيها الكثير من الأمريكيين عنه، و منذ ذلك الحين حطمت أعماله ما تبقى من عالم الأنمي، وحتى يومنا هذا ما تزال أفلامه تباع بشكل مكثف و تحصل أعماله الأخرى على إصدارات جديدة.
شركة مثل GKids تمثل عنصرًا مؤثرًا جدًا في لعب لعبة الأوسكار، فرغم نشرها لرسوم متحركة أجنبية إلا أنها تدار من قبل خبراء في مجال الترفيه تربطهم علاقات وطيدة مع الممثلين المشهورين و الناشرين و غيرهم من الشخصيات البارزة، و هؤلاء يعرفون الأشخاص المناسبين لمشاهدة أفلامهم و كذلك جلب انتباه أعضاء الأكادمية، كما يتقنون لعب لعبة هوليوود، و عادة ما تحصل أفلامهم على ترشيحات و ذلك لأنه في العادة تكون أفلامًا جيدة و هؤلاء الأشخاص ماهرون بما يكفي لجعل أعضاء الرسوم المتحركة في الأكادمية يأخذون أفلامهم على محمل الجد. و لكن رغم كل هذا تبقى GKids مجرد شركة صغيرة و لا يمكنها التنافس أمام أموال التسويق المهولة التي ستعزضها الأستديوهات الكبرى على أفلامها.
أما بالنسبة لشركة Funimation فقد كانت لديها عديد المحاولات لترشيح أفلامها و لكنها لم توفق أبدًا، في حين أن هذه الشركة تمثل أكبر موزع للأنمي في الولايات المتحدة إلا أنها تعتبر غريبة تمامًا عن قطاع صناعة الأفلام العام. لا أستطيع الجزم بمدى جدية عملهم لترشيح أفلامهم أو بقيمة الموارد المبذولة في عملية الشركة للضغط على الأكادمية، و لكن الشيء الواضح أن ما يفعلونه غير مجد إطلاقا.
لسوء الحظ لم يترشح فيلم Kimi No Nawa لجائزة الأوسكار غي عام 2017 على الرغم من أوسمة الشرف التي حصل عليها من النقاد، كما لم يتم عرض الفيلم أبدًا في الولايات المتحدة و لم يتم إصدار النسخة السينمائية إلا في شهر أبريل، لا أعرف ما إذا كانت شركة Funimation قد قامت بإرسال نسخ من الفيلم إلى أعضاء الأكادمية و لكنني أعرف العديد من الأشخاص الذين يقومون بإرسال النسخ إلى الجوائز الكبيرة الأخرى (SAG و PGA و DGA و WGA.. إلخ). كما لم أعرف إلى حد الآن أي شخص قد قام بأخذ نسخة من الفيلم أصلا، ربما كانوا قلقين من التكاليف أو من القرصنة، ليست لدي أدنى فكرة، و لكن لا يمكنك الفوز باللعبة إن لم تقم بلعبها في المقام الأول. ربما كان سيكون لدى الشركة وقت أفضل لو أنها إنتظرت تقديم جوائز الأوسكار للعام المقبل.
كما يعتبر ضمان الفوز لناشر صغير مهمة شبه مستحيلة، فالاستديوهات الكبرى تنفق سنويًا الملايين و الملايين من الدولارات مقابل حملاتها الترشيحية للأوسكار بل و تنسق أيضًا ردة فعل وسائل الإعلام ضد كل المنافسين المحتملين. كما تقوم بضم كبار المشاهير إلى حملاتها و بذلك بإستخدام طرق مبتكرة و فعالة جدا لتحافظ على الصدارة سواء للأفلام أو المشاهير و ذلك قبل أشهر من التصويت، وكل هذا بعيد المنال تمام عن متناول ناشر صغير.
و مع أن أفلام الرسوم المتحركة قد لا يهم الأمر على الإطلاق و ذلك بإعتبار أن أعضاء قسم الرسوم المتحركة في الأكادمية قد يصوتون بإهتمام كبير لمرشحيهم كل عام، فالأكادمية ككل تضم الكثير من الأعضاء الذين لا يهتمون بأفلام الرسوم المتحركة و لا يأخذونها على محمل الجد، و في كل سنة يعرض مراسل هوليوود سلسلة بعنوان “الإقتراع الوحشي للأوسكار ” و تضم السلسلة تعاليق مجهولة من الأعضاء الذين يدلون بأفكارهم حول سبب تصويتهم بهذه الطريقة أو تلك، و هذه التعليقات مستفزة جدا و تثير الغضب و الإشمئزاز خاصة بالنسبة لمتابعي الأنمي، فعادة ما يهمل عضو الأكادمية ذاك مشاهدة أي من أفلام الرسوم المتحركة إهمالا كليا، و بدلًا من الإمتناع عن التصويت لهذه الفئة فإنه سيقوم باختيار كل البرامج التي تعجب أطفاله. و بالنسبة لمعظم هؤلاء الأطفال لن تكون البرامج تلك الرسوم المتحركة الأجنبية التي لم يألفوها، بل ستكون برامج ذات تسويق مرتفع و عائدات عملاقة متأتية من قبل الاستديوهات المنتجة و ذلك خلال السنوات السابقة.
فكمحبين و محترفين في مجال الأنمي ينبغي لنا حقا التوقف عن التطلع لجوائز الأوسكار.