توني يسأل:
أحد الأنميات المفضلة لدي في حقبة التسعينات كان “داي الشجاع” (Dragon Quest:The Adventure of Dai) و قد حصل على إصدار VHS في اليابان لكنه لم يحصل أبدا على إصدار DVD، تم إنتاج هذا الأنمي عام 1991 و تم إصدار حلقاته الـ46 على شكل أشرطة VHS، في حين حصل الأنمي الآخر من دراجون كويست Legend Of Hero Abel على إصدار أقراص DVD في اليابان. هل يتعلق الأمر بالمبيعات؟ أم أنها الاهتمام؟ أو ربما بسبب مشاكل تخص حقوق النشر مع مجلة شونين جمب؟
أنا لا أعرف على وجه الدقة نوع الخلل الموجود في هذا الأنمي، و لكن توجد العديد من العروض القديمة الأخرى التي تقبع حاليا في حالة من الغموض التام، و لم تتم إعادة عرضها تحت أي شكل رقمي. بعضها فقط تم عرضها وإصدارها على شكل VHS (أشرطة الفيديو المنزلية) و لم تعرف أي إصدار لأقراص ليزرية، ناهيك عن أقراص DVD.
توجد هنالك أسباب عدة لحدوث ذلك، و منها تلك الأسباب التي تعترض الناشرين عندما يحاولون ترخيص عرض ما و لكن يقال لهم إنه غير متوفر. و هذه الأسباب تتغير طوال الوقت، فقد يموت أشخاص أو تغلق الشركات المعنية و يتم بيعها، أو تخضع الشركة تحت إدارة جديدة. كل هذه أشياء سلسة جدا و غير ثابتة.
- السبب الأول: لم يتم حذف الموسيقى الخاصة بالعرض.
هذه هي المشكلة الأولى التي تمنع الأنمي القديم من إعادة عرضه و ترخيصه خارجيا.
كان مجال الأنمي في الماضي عبارة عن صناعة متداعية جدا، تشهد العديد من التنقلات و التغييرات، و قد كان المنتجون في كثير من الأحيان يغفلون عن فعل الأشياء التي يفترض بهم فعلها. و هذا ينطبق بشكل أساسي على إنتاجات الـOVA في حقبة الثمانينات و التي تتم من قبل شركات ناشئة تفتقر إلى الخبرة الكافية في مجال الترفيه. كما أن جميع العاملين في هذه الشركات إنصب إهتمامهم على إنتاج عروض جديدة في أقرب وقت ممكن، فلم يعتقد أحد بأن المعجبين سيظلون أوفياء لهذه العروض بعد مرور عقود على إنتاجها و في عدة بلدان أجنبية و عبر تقنيات جديدة لم تتواجد في تلك الفترة.
لذلك توجد أشياء (كالموسيقى) التي تم الترخيص لإدراجها في الأنمي من خلال إصدار واحد فقط، و بالأخص على أشرطة الفيديو المرخصة في اليابان دون غيرها. إذا كان الفنانون مشهورين أو مُمَثَّلين من قبل وكالة إدارية صارمة فإن سعر الأغاني المرخصة من جديد سيكون دون شك مرتفعًا جدًا، أكثر بكثير مما كنت تأمل في إسترداده من إعادة الإصدار (سوق الأنمي القديم كبيرة جدا). و كل هذا إن إعتبرنا أن الفنان مهتم بالصفقة أصلا.
و لهذاالسبب إضطرت عدة أنميات مثل Zeta Gundam و Kodocha إلى إستبدال الموسيقى الخاصة بها أو حذفها نهائيا من إصداراتها في الخارج، كما أنه نفس السبب الذي جعل أغنية البداية الخاصة بأنمي Akazukin ChaCha تحصل على نسخة جديدة من تأدية فنان مختلف أثناء إعادة إصدارها، لذلك لا يمكن لعدد كبير من العروض أن تحصل على إصدار جديد في اليابان أو خارجها.
- السبب الثاني: لم يحظى العرض بإعجاب المبتكر.
يمنح نظام حقوق الطبع و النشر الياباني قدرًا كبيرًا من النفوذ للمؤلف الأصلي للعمل، سواء كان مؤلف روايات قصيرة أو مانجاكا أو مجموعة لنشر الألعاب أو حتى استوديو أنمي. و من أجل التوصل إلى صفقة تسمح ببيع عرض ما و إصداره خارجيًا أو تتم إزالة الغبار و إعادة إصداره من جديد في اليابان (و ذلك بالطبع بعد إنتهاء العقود الأصلية السابقة للعرض المعني) يجب أن تتم الموافقة من قبل صاحب العمل، كما يجب على الناشرين الإلتزام التام برأي المنشئ فيما يخص إعادة الإصدار.
بالتأكيد كان يمكن لهؤلاء الناشرين كسب المزيد من الأموال من وراء إعادة الإصدار و لكن إذا شعر صاحب العمل بأن الأنمي لم يندمج جيدًا مع عمله الأصلي أو أحس بالحرج من هذا العمل، فمن حقه التام حجب هذا العمل عن الإصدار من جديد. فالفنانون أحيانًا يريدون الحصول على إصدار جديد لأعمالهم لكسب المزيد من المال، و أحيانا يتيحون النسخة القديمة من أعمالهم مجددًا تجنبا لتعكير سوق العرض و التشويش على المتابعين، وأحيانًا أخرى يريدون ببساطة دفن العمل نهائيا. و قد يشعر العديد في مجال صناعة الأنمي بالإحباط الشديد عند حدوث هذا الأمر، لأنهم يعلمون بوجود الكثير من المعجبين الذين يمكن إرضائهم و بالأرباح المتأتية من العمل. و لكن إن لم تتم الموافقة من قبل صاحب العمل الأصلي فلا يوجد الكثير لفعله.
- السبب الثالث: لا أحد يعرف لمن يعود العمل.
العديد من الأعمال الأصلية تم إنتاجها منذ عقود و لم تتم من خلال لجان الإنتاج كما نعرفها اليوم . فخلال الفترة الممتدة بين الثمانينات و التسعينات كانت صناعة الأنمي تتم في أغلب الأحيان بواسطة شركة واحدة أو اثنتين في المقام الأول، و كثير من تلك الشركات قد توقفت عن العمل. بعضها فعل ذلك بطريقة منظمة و مضبوطة حيث قامت شركات أخرى بشراء حقوق ملكيتها و حفظها لديها، أو تمت وراثة حقوق الشركة الموقوفة من قبل الشركاء المتبقين. و لكن في أوقات أخرى ليس واضحًا من يمتلك حقوق العرض بعد إيقاف الشركة.
بالنسبة لأي خدمة نشر أو بث في اليابان أو خارجها يتعين على هذه الخدمة تعقب المالك لأي عرض كان و شراء الحقوق إن كانت تريد الحصول عليه. و لكن أحيانًا لا تستطيع خدمة النشر أن تعرف حتى من الذي يجب أن تسأله!! إذا تم توقيف جميع الشركات المعنية عن العمل فهذا يعني أن جميع المشرفين عليها قد سُرِّحوا عن العمل (أو ماتوا). فمن يمكنه إذا تشريع إصدار العرض؟؟ لا يمكن لأية شركة إصدار أي عرض بدون إثبات إمتلاكها لحقوقه كاملة (ماذا لو رفع أحدهم دعوى قضائية؟). و هكذا فإن العمل يظل مجمدا إلى أجل غير مسمى.
- السبب الرابع: الصراع بين المنتجين.
في كل مرة من حين إلى آخر، تشهد لجنة الإنتاج الخاصة بالأنمي عدة إنقسامات، فالشركات التي كانت يومًا ما متحدة تنقلب فجأة على بعضها البعض، و تؤدي الصراعات المهولة بينها إلى إفشال كل محاولة للكسب من خلال الأنمي، و نجد كأقرب مثال أنمي Macros و الصراع القانوني طويل الأمد الذي شبّ بين شركتي Totsunoto Pro و استديو Nue حول ملكية هذا الأنمي. لكن هذه القضية بالذات لم تمنع إصدار الأنمي بشكل متميز في اليابان و هذا الأمر كان جيدا للغاية.
أعرف على الأقل عرضا واحدا لم يعرض أبدًا خارج أشرطة VHS لأن المنتِجين يكرهان بعضهما و يرفضان القيام بأي شيء لمساعدة أحدهما الآخر. و يُقال بأن هنالك العشرات من هذه الحالة.
- السبب الخامس: تم تناسي العمل كليا.
صنعت الشركات العتيقة مثل استوديو مادهاوس و TMS و توي أنميشن و غيرها العديد من أعمال الأنمي على مر السنين، حتى أنها تجد صعوبة بالغة في تنظيم أعمالها في بعض الأحيان. و لقد رأيت مجسمات لأعمال سابقة في مكاتب شركات الأنمي و قمت بالإشارة إلى عمل غامض أثناء إتصالي بهم بصفتي معجبا كبيرا. لكنهم عمالوني بإزدراء كأنني قادم من كوكب المريخ قائلين: “أوه هل رأيت ذلك فعلا؟ لم ير أحد ذلك.”
و هذا لاينطبق على الشركات العتيقة فقط، بل إن شركات مثل Konami و Nippon و Columbia و غيرها كانت نشطة جدا في مجال صناعة الأنمي، و لكنها اليوم لم تعد تتعامل مع الترفيه المصور على الإطلاق، و ليس من الواضح أنها تمتلك مكتبا قادرا على ترخيص حقوق نشر أحد أعمالها.
الأعمال القديمة و الغامضة المصدر نادرا ما ستجني الكثير من المال، كما أنها تحتاج قدرًا كبيرًا من من أعمال التحقيق و التعقب من الذهاب إلى عنوان الشركة و البحث عن كل عقود الإنتاج القديمة إلى تحديد ملكية كل نسخة منها. و إذا أرادت شركة أو شخص ما التوقيع على العقد، أو إحتاجت إلى تجديده لمواكبة التكنولوجيات المتقدمة و الإنترنت فإن عليها تعقب جميع الشركات المعنية بهذا العمل. ماذا لو توقفت هذه الشركات عن العمل؟ يمكن أن يستغرق تعقب جميع الأطراف المعنية أسابيع و شهور و ربما سنوات. و بصراحة توصلت العديد الشركات (العاملة بطبيعة الحال) إلى إستنتاج مفاده أن جميع أعمال “المحقق” لا تستحق وقتها ببساطة.
هذا هو السبب ،على الرغم من أعمال القرصنة الرقمية للأعمال الفنية، فإنني لا أجد أي شيء مزعج حول تداول الأعمال القديمة أو المنسية عبر الأنترنت. إلا إذا كانت أعمالا مشهورة تسهل مشاهدتها في إطار القانون. و يختلف الحال بالنسبة للأعمال المنسية منذ عقود من الزمن و متوفرة فقط على شكل أقراص ليزر أو أشرطة VHS مستوردة .
لقد تم التغاضي فعلا عن بعض العروض في الماضي ، و أعتقد أن الحفاظ عليها أمر مهم.