إن كنت من المتابعين للأنميات والأفلام الجديدة او بالأحرى افلام هذا العام الذي باتت ايامه وشيكة فلابد أن تكون قد سمعت عن فلم صوت صامت والذي سلط الضوء على احدى اهم مشاكل المجتمع؛ “التنمر”. فاق هذا الفيلم برأيي مستوى فيلم Kimi no na wa بأشواط و الذي جاوره بالصدور وحقق شهرة كبيرة جداً، ما الذي قدمه الفلم عن هذه المشكلة وكيف ناقشها سنرى هذا في هذه المراجعة.
اقرأ أيضاً: مراجعة أنمي Made In Abyss والعودة للفانتازيا الكلاسيكية
قصتي مع صوت صامت
عندما تم الإعلان عن اقتباس هذه القصة إلى فلم من قبل استديو Kyoto Animation الذي يعد من أفضل الأستديوهات بالنسبة لي، ارتفع الحماس عندي لأن مانجا صوت صامت من أكثر المانجات التي كان لدي رغبة شديدة بقرائتها. فانتهى بي الحال منتظراً ما يقارب العامين صدور هذا الفلم على أحرٍّ من الجمر.
سأتكلم بشكلٍ موجز عن قصة الفلم الذي ازعجتكم بقصتي وحماسي معه حتى لا أُخرب متعتها عليكم، “نيشيميا شوكو” فتاة صماء في المرحلة الابتدائية، تنتقل لمدرسة جديدة تأمل أن تكتسب فيها أصدقاء جدد ولكنها لم تجد ضالتها للأسف وعوضاً عن ذلك تتعرض لحالات عديدة من التنمر والمعاملة القاسية.
الروي والحبكة
يبدأ الفلم بانتقال بطلتنا “شوكو” إلى مدرسة جديدة محاولةً البدء من جديد للحصول على اصدقاء والتخلص من المعاناة التي قد نالتها من قبل، نرى في البداية إقبالًا جيد و معاملة لطيفة من قبل طلاب صفها الجديد محاولين بجهد التأقلم معها رغم مشكلتها وهي الصم وصعوبة التواصل معها.
مع الوقت نرى أن طلاب الصف بدأو بتجاهلها، وما زاد الطين بلة هو ذاك الفتى الذي يحب أن يكون محط الأنظار “إشيدا شويا” و هو بطلنا بهذه القصة يبدأ شويا بالسخرية من شوكو و يعاملها بعنف بسبب شعوره بالغيرة بسبب تحول شوكو إلى مركز اهتمام الصف.
بعد أن بدأ بمضايقتها بشتّى الوسائل والطرق يبدأ الصف بالإنجرار ورائه ومعاملة شوكو بالمثل فينتهي بها الحال وحيدة مجدداً.
تشتد مضايقة إيشيدا لشوكو بافساده لسماعات الأذن الخاصة بها لأكثر من مرة فينتهي الحال بقدوم أُم شوكو لتشتكي للمدرسة بشأن السماعات والتي كانت باهظة الثمن التي تم إفسادها او إضاعتها فلابد بهذه الحالة ان تستعلم من إدارة المدرسة عن مرتكب هذه الافعال،…. لاشك أن اللوم باكمله سيقع على عاتق إيشيدا و قد تم لومه من قبل مجموعته والصف باكمله.
استطيع أن أعبر لكم عن الشيء الذي سيحل بإيشيدا بعبارة مشهورة وهي “إنقلاب السحر على الساحر” انتهى الأمر بإنتقال شوكو من المدرسة، ما الذي سيحدث لإيشيدا وما هي التطورات والتغييرات التي ستطرأ على حياته، هذا ما سنراه في الفيلم.
رأيي الشخصي بالفلم
بلا شك أن هذا الفيلم من افضل الأشياء التي شاهدتها طيلة حياتي فقد حمل بجعبته الكثير من المشاكل الحياتية التي
قد يمر بها الشخص وأٌخص بالذكر قضية التنمر التي لابد أننّا واجهناها بفترة ما خلال حياتنا سواءً أكانت تجربة شخصية او شاهدناها في محيطنا.
قدم الفلم التنمر بشكلٍ واقعي جداً حيث انه أسقط مايحدث في الواقع من حالات التنمر بداخل القصة ولعل اكثر ما أبهرني هو قدرته على التعبير عن مشاعر و ألم المتعرض للتنمر، وايضاً وضّح السبب الشائع وراء التنمر وهو الغيرة و النبذ او لإثبات النفس.
من خلال متابعتكم للفيلم ستلاحظون الأثر الكبير الذي بقي في إيشيدا إثر ذكرى شوكو فيه وكيف غيرت حياته وتفكيره جذرياً (ساتجنب الكلام عن مسعى ايشيدا الجديد في حياته لأتفادى الحرق) وايضاً لا انسى مبادئ ومفاهيم الحب والمسامحة والصفح والكره… والتي بدورها لامستني بشكلٍ كبير.
من المستحيل أن انسى أن هذا الفيلم أراني إحدى أهم واجمل المشاهد والتي تركت فيني أثراً كبيراً من خلال تجسيده لتضحية وحنان الأم تجاه أولادها مهما كان حجم الذنب او الخطئ الذي اقترفته أيديهم بلا شك أُم إيشيدا من افضل شخصيات الأمهات التي مرّت علي في الأنمي.
استطيع القول أن هذا الفيلم إستطاع نقل جميع افكاره إلي بشكلٍ مثالي.
الشخصيات
لايوجد لدي الكثير لأتكلم به عن الشخصيات فببساطة الشخصيات في قصتنا كانت واقعية بشكلٍ كبير وجميعها بإمكانك ايجادها في الواقع في حالات التنمر المدرسية أستطيع أن اقول أن الشخصيات كانت مناسبة للدور الذي وضعت فيه، بخصوص تطور الشخصيات فكان ضئيلاً ولم يظهر سوى بالنهاية لكني لا استطيع غض الطرفِ عن تطور شخصية إيشيدا الذي كان مقارنة بالبقية كبير وممتاز خالٍ من المبالغة والتكلف.
الموسيقى
إن كنت سأصف الموسيقى لا أستطيع وصفها و الحديث عنها إلا بانها كانت من الأعمدة الأساسية ببناء الفيلم، حيث أنها كانت قادرةً على نقل الكثير من المشاعر والأحاسيس، موسيقى فيلمنا لم تكن من النوع التي تسمعها بهدف الأستمتاع وإنما لا تستطيع الأستمتاع والشعور برونقها العذب إلا بداخل الفيلم.
بالنسبة للأداء الصوتي فاختيار مؤدين الأصوات كان مثالياً والأغاني الموظفة بداخل الفلم كانت جميلة، وايضاً كان هناك براعة كبيرة بتوظيف الأصوات في الفلم فكانت الأوقات التي تخرج بها مناسبة جداً والأوقات التي تتوقف عندها ايضاً ولا انسى لحظات الصمت وخلو الفيلم من أي صوت التي كانت تقطع الأنفاس.
باختصار التوظيف الموسيقي كان مثالياً.
الناحية البصرية
الناحية البصرية في الفيلم لا تقلّ شأنناً عن الناحية الموسيقية والقصصية والتي كانت بدورها ايضا عماداً اساسياً ببناء الفلم ومن تابع إحدى اعمال استديو Kyoto Animation فلابد أنه رأى جمال رسومه، الرسوم كانت جميلة جداً ولعلّ اجمل مافيها انها كانت مأخوذة من الواقع والمدن اليابانية، رسم الخلفيات والألوان المستخدمة كان فيه براعة شديدة بنقل مشاعر وأحاسيس الشخصيات وبما أن القصة كانت ببيئة ريفية فتباين فصول السنة وتواليها كان التعبير عنه مثالياً برسوم الطبيعية الأخاذة للألباب.
تصاميم الشخصيات كانت مناسبة للشخصيات ومتناسقة مع الخلفيات وبتحريكٍ ممتاز خالِ من المشاكل.
الإخراج
استطاعت المخرجة الشابة Yamada Naoko اخراج الفلم بصرياً بأبهى حلّة حيث كان اختيار زوايا التصوير مثالياً وايضاً أماكن وضع الشخصيات بداخل الإطارات كانت قادرة على التعبير عن حالة الشخصية النفسية ، تعمدت الكلام عن المؤثرات البصرية بفقرة الأخراج لأن براعة الإخراج هي من اخرجته بهذا الشكل الإحترافي، ولا ابالغ بكلامي هذا من خلال المؤثرات والإخراج استطاع الفيلم بصرياً أن يعبر عن رسائل وكلام لم يتحدث به كلغة الإشارة التي تم استعمالها من قبل شوكو.
فيلم صوت صامت ترفع له القبعة للأحتراف البصري الذي كان عليه مهما تكلمت لن استطيع التعبير عنه.
خاتمة:
صوت صامت كان عبارة عن قصة حملت عبراً ومعاني كثيرة دعمت بموسيقى مناسبة جداً وكان دعامها الأكبر فنٌ بصري مثالي وهذان الدعامان اوصلا القصة بافضل حلّة.