شاهدت أنمي آجين بموسميه أثناء صدوره قبل سنوات، ورغم الرسم الحاسوبيّ المثير للغثيان والمشاكل العديدة في الانتاج بداية من الطريقة التي قرر صناع العمل فيها استخدام عدد إطارات قليل في الثانية مع استخدام الرسم الحاسوبيّ وحتى استخدام التصاميم ثنائية الأبعاد على الشخصيات ثلاثية الأبعاد، أذكر جيداً مقدار الاستغراب الهائل من شخصيات القصة – بداية من ساتو، أحد أكثر الشخصيات الشريرة التي استمتعت بمشاهدتها وحتى ناغاي كاي، البطل “الشونينيّ” الذي ولأول مرة امتلك مبررات لما يقوم به.
الآن وبعد أن وصلت لآخر فصل تم نشره من المانغا بعد إعادة قرائتها بنيّة التركيز على الشخصيات، ازداد إعجابي بالطريقة التي كتبت فيها هذه القصة وأردت أن أكتب ولو بطريقة سريعة عن هذه الشخصيات، وكيف استطاعت أن تترك هذا أثراً طويل الأمد على الرغم من بساطتها.
في هذا المقال حرق كامل لأحداث المانغا حتى الفصل الخامس والسبعين.
لنبدأ من وقت الظهور على الشاشة،
في أي قصة تحتوي عدد كبير من الشخصيات المشكلة الأولى التي ستواجه الكاتب هي توزيع وقت ظهور هذه الشخصيات بطريقة متلائمة مع أهميتها في القصة – الأمر يصبح أكثر صعوبة عندما تكون أهمية هذه الشخصيات متقاربة. تبدأ الشخصيات بالانهيار عندما تفقد الوقت اللازم لتحصل على مبررات لأفعالها أو الوقت اللازم لتقوم بأي أفعال.
في مانغا آجين حصل ساتو دون منازع على الوقت الأكبر على الشاشة – ساتو هو الشرير الرئيسي في القصة وأحداثها تتمحور حوله دون شك. ولكن الطريقة التي بنيت فيها شخصية ساتو جعلت من وقت وجوده على الشاشة مساحة ليست فقط لبناء شخصيته، بل لبناء شخصية كل من حوله.
شخصيات مثل أوكوياما، تاناكا والأخوين تاكاهاشي وغين، تم عرضها على المتابعين وبناءها بالاعتماد على شخصية ساتو – الأفعال المتطرفة التي يقوم بها ساتو تجعل بناء شخصيات هؤلاء حوله أكثر سهولة. ربما يكون بناء شخصيات بالاعتماد على ردود أفعالها على تصرفات شخصية أخرى أمراً سيئاً في قصة أخرى أو سياق آخر، ولكن في آجين استخدام هذا الأسلوب منطقي بالكامل.
ساتو يمثل الشخصية المجنونة بالكامل، ولكنه بنفس الوقت مخادع وكاذب جيد جداً، يمكنه أن يقنع من حوله بأمر ويتصرف عكسه أمامهم – فهو الأقوى والأكثر حنكة بينهم – الجنون والقوة والذكاء جذب كل منها أحد الشخصيات الثلاثة (وأضع هنا غين وتاكاهاشي في خانة واحدة) للبقاء بجانب ساتو:
- غين وتاكاهشي اللذان انجذبا نحو جنون ساتو وانجرافه نحو متعته الشخصية، آملين بأن يحصلوا هم على نشوة مشابهة من البقاء بجانبه.
- أوكوياما الذكي الذي يدرك أن معركةً ضد ساتو خاسرة قبل أن تبدأ بدليل ما قام بفعله في تجمع الآجين الأول عندما وضع معارضيه في البراميل، وبالتالي انضم لجانب ساتو الذي لا يمكن هزيمته.
- تاناكا الذي آمن أن ساتو يرغب بتغيير وضع الآجين فعلاً، وأن المعركة التي يخوضها ليست فقط جزءً من جنونه وإنما انتقاماً من الظلم الذي تعرض له الآجين في معسكرات التعذيب.
المحاور الثلاثة من شخصية ساتو ليست متعارضة على الإطلاق وهي مؤصلة في قصته من البداية؛ من اللحظة التي اكتشف فيها والده حب سام الصغير لقتل وتعذيب الحيوانات الصغيرة، وحتى اللحظة التي انهار فيها الفريق بعد أن انتهت حاجة ساتو لدى أعضائه.
بناء اربع شخصيات رئيسية في القصة لم يكن هدفاً من شخصية ساتو وإنما عرضاً جانبياً فحسب، ولم يكن هذا العرض الجانبي مقتصراً على هذه الشخصيات فحسب وإنما كان الأكثر وضوحاً فيها، ففي الحقيقة يمكنك رؤية تأثير كتابة شخصية ساتو الجيدة في كافة شخصيات العمل تقريباً.
ناغاي كاي هو البطل في قصة آجين، ولكنه لا يمتلك وقت الظهور الأعلى بين الشخصيات فيها. المميز في عرض شخصية ناغاي في القصة أنها لا تعتمد دائماً على “ردود الفعل” في تحريك الأحداث، حتى عند وجود تأثير حقيقي ومباشر لساتو على ناغاي في القصة من خلال تبادل الأفكار والحالة العاطفية معه في جزء من أجزاء القصة الأولى، لم يكن ناغاي خاضعاً لهذا التأثير بل مستخدماً له.
على الرغم من أن أغلب وقت ظهور ناغاي على الشاشة كان فقط ليحول دون إنجاز مخططات ساتو إلا أنه لم يبق جزءً من الخلفية أو شخصية فارغة لا يمكنها سوى الرد. عندما يكون ناغاي على الشاشة فهو يتحدث عن نفسه، يظهر شخصيته، يعرض ماضيه، يحاول القيام بشيء خاص به.
القصة في أجين مكتوبة بشكل مختلف يجعل من الصعب مقارنتها مع قصص أخرى، ولكن عند النظر لناغاي ومقارنته مع الأبطال ذوي الشعر الأسود والقدرات الخارقة والنظرة ال”قاتمة” للحياة، يبدو ناغاي أحد الشخصيات الأكثر منطقية بينها. ناغاي لم يصبح الشخص الذي هو عليه فقط لأنه لا يموت – هو كذلك من البداية، والدته كذلك، أخته تعلم أنه كذلك، أصدقائه يدركون أنه كذلك. ناغاي هو الشخص الماديّ ذاته قبل أن يصبح آجين وبعد أن يصبح.
هذه الشخصية المتماسكة أيضاً – ولو كانت خارج تفضيلاتي الشخصية – كانت جزءً من الكفة التي وضعها الكاتب لتوازن تأثير ساتو على القصة. توساكي شيمومورا كانا جزئين آخرين من هذه الكفة. لكل من شيمومورا وتوساكي قصته الخاصة:
شيمومورا ايزومي التي أرادت أن تعطي لحياتها معنى جديداً من خلال ترك قرار مصيرها بيد توساكي والثقة به، وتوساكي الذي فقد احترامه لذاته ولكن لا يزال يحاول القيام بشيء ما ليحدث تغييراً.
الترابط بين الشخصيتين ووقت ظهورهما على الشاشة يعطي قيمة إضافية للحظات التي لا تظهر فيها الشخصيتان سويّة، اللحظات القليلة التي يترك فيها توساكي شيمومورا لوحدها تعني وجود شيء مهم يحدث.
وكما أن ساتو فرض تأثيره على الشخصيات المحيطة به، توساكي بنفس الطريقة أثر على من حوله – المختلف هنا أن توساكي لا يمتلك أياً من الميزات الثلاثة التي تجعله قائداً، وإنما يمتلك عقلية تدفعه للقيام بكل شيء في سبيل إبقاء مخطوبته على قيد الحياة. هذا الدافع هو ما يجعله يقوم بكل شيء من اللحظة الأولى، من سكوته على التجارب على الآجين آملاً أن تؤدي للعثور على علاج للفتاة، وحتى اللحظات الأخيرة قبل وفاتها.
يؤثر توساكي مباشرة على أفكار البروفيسور بعد أن يعطيه الأذن المصغية التي افتقر الحصول عليها في الأماكن السابقة التي عمل فيها – البروفيسور في فترة بقاءه مع توساكي يتغير من كونه الشخصية المشاغبة مدعية المعرفة إلى الشخصية الأكثر هدوءً وعدمية في نهايتها. ربما العدمية لم تكن ناتجاً جديداً عن تواجده مع توساكي، ولكن الهدوء حتماً قادم من وجود شخص يؤمن بما يقوله لأول مرة.
بقية أعضاء الفريق تحولوا في النهاية من كونهم مجرد مرتزقة إلى أشخاص يهتمون بالتغيير على الرغم من خطورة ما يقومون به بسبب إصرار توساكي على الاستمرار حتى بعد انتهاء الدعم الحكومي للفريق.
ناكانو وكايتو هما الشخصيتان الأخيرتان ضمن الطاقم الرئيسي للعمل، ولأكون صادقاً لا يمكنني رؤية سبب لوجودهما سوى لحماية حبكة القصة – الجانب الإيجابي هنا فقط هو أن هتين الشخصيتين لا تتصرفان كدرع للحبكة سوى في لحظات محدودة جداً، وحتى في تلك اللحظات كان وجودهما ممهد له بطريقة جيدة. لقاء كاي مع الآجين صاحب الشبح الطائر في الإصلاحية ولقاء ناغاي مع ناكانو في الغابة لم يكونا عبثاً، بل نتيجة منطقية لسير أحداث القصة.
لا يمكنني القول أنني أعذر وجود درع للحبكة في قصة مشابهة، ولكن التطبيق هنا لم يكن بهذا السوء على الإطلاق.
عودة إلى ساتو
البساطة في شخصية ساتو هي ما تجعل وجوده في القصة عبقرياً؛ يحاول الكاتب إيهام القرّاء في كثير من الأحيان أن لأفعال ساتو سبب أعمق، كما في أفعال ناغاي مثلاً وارتباطها بطفولته، ولكن الأمر ينتهي الامر بأن الإجابة الأبسط هي الأصح: ساتو يقوم بهذا ليس لأن والده كان يعنّفه في الصغر، ليس بسبب إخفاقاته في الجيش، ليس بسبب حقده على الحياة، ليس بسبب تورطه في الجريمة المنظمة أو العمليات العسكرية السرية، ليس بسبب تحوله إلى آجين. ساتو يقوم بهذا ببساطة لأنه يرغب بذلك.
بنفس الوقت، بساطة شخصية ساتو هي ما تجعله أفعاله غير قابلة للتوقع، لا للشخصيات الأخرى في القصة ولا للقراء. على سبيل كون ساتو يحب الألعاب أمر مثبت من اللحظات الأولى في القصة، ولكن حبه هذا الذي من المفترض أن يجعله قابلاً للتوقع في كثير من الأحيان هو ما يقوم بالعكس تماماً؛ من قيادته لطائرة نحو المبنى وحتى تدمير جسده للانتقال الآني من مكان لآخر.
السبب في هذا أن ساتو هو الشخص الخالد الوحيد في القصة، فهو الوحيد الذي لا يتأثر بالألم الناجم عن الموت على عكس الشخصيات الأخرى، لن يتردد في قطع أجزاء من جسده وتركها معلقة، لن يتردد في طحن جسده، لن يتردد في تفجير نفسه مراراً وتكراراً. على عكس الآجين الآخرين يجد ساتو في هذا المتعة، بينما يجد الآخرون فيه الألم.
يدرك ناغاي هذا بعد أن يتبادل الحالة النفسية مع ساتو بعد ارتطام رأسي شبحيهما في المعركة ويصبح أكثر قدرة على تقبل الموت – مقارنة بناكانو على سبيل المثال، ولكنه يبقى أقل قدرة على تحمل الألم والموت من ساتو.
الخبرة القتالية ليست المعيار الوحيد في القصة لترتيب قدرة وقوة الشخصيات، وإنما الشجاعة والمخاطرة التي يمكن للشخصية أن تقوم بها، وهو ما يضع ساتو في قمة الهرم.
ماذا عن الألعاب
في كثير من عناوين الفصول وأجزاء القصة يمكن العثور على إشارات واضحة ومخفية لألعاب فيديو قتالية شهيرة، من سلسلة Call of Duty وحتى Battle Field وبعض الإشارات إلى ماريو وDoom وبعض الألعاب القديمة الأخرى. ولكن لألعاب الفيديو تأثير مختلف آخر على الشخصية الرئيسية والقصة بأكملها.
ساتو في القصة يبدأ لعبته الخاصة للوصول للقمة، يختار فيها الخصوم الذين يعتبرهم الأكثر تحدياً بداية من شركة الأمن الأكثر تقدماً في اليابان وحتى قوات SAT ليقوم بعدها بسلسلة من مهام التسلل والاغتيالات منتهياً بالمرحلة الأخيرة التي يحارب فيها جيشاً كاملاً لوحده. في نهاية كل هذه المعارك وبعد أن يتمّ ساتو لعبته منتصراً يعلن أنه سيرحل عن اليابان ببساطة، والسبب أنها البلد الأفضل في صناعة ألعاب الفيديو. أمر مثير للسخرية ومناسب لشخصية ساتو العابثة في نفس الوقت.
بعد أن ينتهي ساتو من كونه اللاعب في اللعبة يتحول فيها ليصبح الوحش الأخير، وينتقل دور اللاعب إلى ناغاي وأصدقائه. القصة مبنية من البداية وحتى النهاية لتحاكي اللعبة – المكان الوحيد الذي يمكن للبشر أن يجربوا فيه “الموت والعودة للحياة”…
الاختلاف بين مانغا وانمي آجين
مانغا آجين لا تمتلك أسلوباً فنياً مبهراً بأي مقياس – الأمر الوحيد الذي يمكن أن يلاحظ فيها هو الاهتمام إلى وضعيات الشخصيات وملابسهم والتفاصيل المتعلقة بالأسلحة والقتالات، دون أي مبالغة فنية. ولكن حتى مع المانغا المتواضعة لا يوفي الأنمي حق القصة ولا بأدنى شكل.
لن أدخل في تفاصيل إنتاج الأنمي كونه ليس من الأنميات المختلف عليها بهذا الخصوص – ما أردت ذكره في نهاية هذا المقال هو الاختلاف بين المانغا والأنمي:
يبدأ الإختلاف بين المانغا والأنمي في نهاية الموسم الأول ومنتصف الموسم التاني، للمرة الأولى بحدث لا يؤثر بشكل فعلي على مجريات القصة ولكن في المرة الثاية لتصبح أحداث الأنمي في مسار مختلف تماماً عن أحداث المانغا.
الحدث الأول هو طريقة دخول ساتو إلى مقر شركة الأمن، في الأنمي يدخل عن طريق تفجير بناء والوقوف على سطح البناء أثناء انهياره على البناء الآخر، بينما في المانغا يرتهن ساتو طائرة مدنية ويحلقها مباشرة نحو البناء. الاختلاف هنا لا يؤثر في بقية أحداث القصة.
في الموسم الثاني تختلف أحداث القصة جذرياً لتبتعد عن المانغا، بينما يتوجه الأنمي لجعل ساتو يخسر حلفائه دون أن تنتهي القصة، تتابع المانغا في الطريق الطبيعي لبناء الأحداث وتطوير التقنيات التي يمكن لساتو ان يستخدمها للقتال اعتماداً على وجود حلفائه.
بأي حال، كون الأنمي لم يقدم نهاية للقصة وكون الجزء الثالث غير مخطط لصدوره حالياً، المانغا هي الخيار الأفضل، والأفضل قراءتها من البداية لمعرفة الاختلافات في القصة.
على الرغم من ان الانمى كان رسم 3D ولم أتعدود على مشاهدة انمى بهذة الطريقة الا ان الانمى كان رائع سواء الجزء الأول أم الثانى بعيد عن المنجا