أنمي نوراغامي من الأنميات المفضلة لديّ، وهو من الأنميات التي ارجحها لاغلب من يسألني عن الأنميات التي يجب البدء منها لمن لم يجرب الأنمي من قبل. فعدا كون إنتاج الأنمي يتضمن الكثير من الأشياء المميزة من تصاميم الشخصيات وحتى مشاهد الساكوغا الموجودة في كل حلقة تقريباً وكونه يتضمن الأسلوب الإبهاري الموجود في أغلب أعمال استودي بونز والذي قد يشجع القادم الجديد على الاستمرار في المشاهدة.
عدى عن الجانب الإنتاجيّ، قدّم الأنمي الكثير من الرسائل المذهلة مع حفاظه على الجو الكوميدي العام في الأنمي، وهو ما يجعل عرض الأفكار الموجودة فيه على الرغم من كون بعضها تحمل أسئلة وجودية وتعالج مشاكل نفسية كالإكتئاب والانتحار أكثر تقبلاً من المتابعين – في جو يغطي على ثقل هذه المواضيع بالكوميديا السخيفة في كثير من الأحيان.
أعتقد أنه من السيء تقديم أنمي “جدّي بالكامل” لمتابع جديد لعدة أسباب ربما أذكرها في مقال لاحق، ولكن أعتقد أن أهمها أن الأعمال التي تأخذ نفسها بنوع من الفكاهة والاسترخاء تسمح بتجربة أكثر راحة للمتابع، بدلاً من الأعمال التي تميل للجدية والتي تحتاج من المتابع تركيزاً أعلى أثناء المشاهدة. هذا لا يعني بالتأكيد أن الأنميات الجدية بالمطلق سيئة وأن الأنميات الأكثر استرخاءً أفضل بالمطلق، ولكن لغرض البداية أفضّل الأخيرة على الأولى شخصياً.
اقرأ أيضاً: أفضل أنميات شريحة حياة Slice Of Life في قائمتي تستحق المشاهدة
بعض المعلومات العامة عن أنمي نوراغامي
ينتهي الموسم الثاني من الأنمي دون إكمال القصة ودون أخبار عن موسم ثالث – القصة تتابع في المانغا.
الآلهة التي ركز على عرضها أنمي نوراغامي تضمنت عدد من الآلهة من مجموعة “الهة الثروة او الحظ السبعة” ومنها بيشامون إلهة الحرب، إيبيسو إله صيد السمك والرخاء الاقتصادي، دايكوكو اله الثراء والازدهار، والبقية حصلت على دور أقل اهمية، الهة الحظ السبعة هي مجموعة من الآلهة اليابانية التي تعبد حالياً في اليابان، وهذا يفسر طريقة عرض هذه المجموعة بطريقة محترمة بشكل كبير في الأنمي، كون صنّاعه لم يرغبوا بإهانة معتقدات المتابعين بعرض آلهتهم بشكل سلبي.
إضافة لهذه المجموعة، هناك آلهة أخرى في الأنمي من الآلهة التي تعبد الآن في اليابان، وأيضاً تم تقديمها بشكل محترم في الأنمي مثل الإله تينجين، إله العلم والدراسة.
لكل من الآلهة المعبودين حالياً في اليابان قصة شعبية في الثقافة اليابانية عن أصله والثقافة التي جاء منها سواء كانت الهندية أو اليابانية القديمة، ولكن ما يهم معرفته أن كل الآلهة المعبودة حالياً في اليابان تم تقديمها بشكل أكثر احتراماً في الانمي وأشير لصفاتها بشكل مباشر وغير مباشر في الأنمي، ولكن لا يمكن اعتبار الانمي “تثقيفياً” من هذه الناحية، إذا كنت مهتماً بموضوع الآلهة اليابانية من الأفضل قراءة مقالات متخصصة لزيادة اطلاعك.
اقرأ أيضاً: مقالاً باللغة الانجليزية عن آلهة الحظ السبعة
ما يهم معرفته هنا أن ياتو، كوفوكو، والآلهة الذين تم تقديمهم بشكل سلبي في الأنمي -أو سلبيّ إلى حد ما- ليسوا الهة موجودين في الثقافة اليابانية، لذا لا طائل من البحث في أمرهم.
أردت ذكر المعلومات في الأعلى لأذكر النقطة الأولى التي أعجبتني في الأنمي، وهو كونه أثار اهتمامي بما فيه الكفاية حول الآلهة اليابانية والثقافة الدينية اليابانية لدرجة دفعتني للبحث عن الموضوع، وهو امر ممتع أنصحك بفعله إن كان لديك القليل من الوقت الزائد. على الرغم من أنني لم أتعمق كثيراً في الموضوع إلا أنه كان مثيراً للاهتمام ومسلياً.
ما الذي يحاول ياتو قوله
على مدى الجزئين، عُرض ياتو في الأنمي وهو يقوم بالكثير من المهام لخدمة البشر، منها بسيطة جداً مثل رعاية طفل صغير، تنظيف حمام رجل ما، أو العثور على قطة، ومنها أيضاً الأكثر جديّة مثل مساعدة طفل يتعرض للتنمر في المدرسة، أو مساعدة رجل يحاول الانتحار، وبعضها أخطر بكثير تكشف في وقت لاحق، كالقتل والتدمير والاغتيال. كل تلك الأعمال كان يقوم بها ياتو لأنه “إله” ولأن من يؤمن به يستنجد به ليقوم بها.
المميز في الطريقة التي عرضت فيها الصلوات التي أجابها ياتو في القصة أنها خدمت القصة في أكثر من سياق، السياق الأول والبديهي أنها تدفع القصة نحو الأمام، من القطة التي انتهت بالتعرف على هيوري وحتى قصص القتل التي أدخلت شخصية نورا إلى القصة – هذا الاستخدام بسيط ومباشر في القصة، تماماً كما تستخدم القصة هذه الأحداث لإظهار المزيد من جوانب شخصية ياتو دون الحاجة لإجباره على الحديث دون سياق. هذه الجوانب المباشرة لا تحتاج للكثير من التفكير لملاحظتها.
يمكن اعتبار هذا النوع من الأحداث الجانبية طريقة ممتازة أيضاً لبناء العالم دون إجبار المتابع على ابتلاع التفاصيل من المعلومات المرمية دفعة واحدة، وهو طريقة جيدة أيضاً للتحكم بسرعة سير الأحداث في القصة دون الحاجة لملئ الفراغات بأحداث عشوائية.
بأي حال، لنعد إلى ما يحاول ياتو قوله؛
الانتحار
نظرة ياتو للمنتحرين كانت قاسية بأي حال، وبنيت في النهاية على قصة خيالية لشخصيات خيالية، وتجاهلت الكثير من النقاط التي يجب أخذها بعين الاعتبار مثل الأمراض النفسية والاكتئاب المرضيّ وغيرها، ولكنها حقيقية لشخصيات الأنمي لأنها تتبع قواعد عالمهم – العالم الذي يتحول فيه من يموت قبل أوانه إلى سلاح مقدس أو شبح مرعب. المنتحر في ذاك العالم ومن نظرة ياتو التي تدرك أشياء لا يدركها الإنسان العادي يعتبر اساءة أدب لهؤلاء الذين لم يتاح لهم فرصة للحياة.
هذه النظرة كانت أيضاً جزءً مهماً جداً من شخصية ياتو التي حاول الانمي ايصالها عن مشاعر ياتو نحو رعاياه – ليس فقط لحاجته لهم بل لتقديره لحياتهم فعلاً.
استخدام المواقف لبناء الشخصيات في الأنمي أسلوب شائع وهو أمر يحسب له أيضاً.
الأياكاشي
الأياكاشي هم التمثيل الذي اتخذه الأنمي لعرض مشاكل الحياة وهموم البشر والضغط النفسي الذي يتعرضون له، التمثيل المادي الذي يمكن للمتابع رؤيته بدلاً من الحديث عن الاكتئاب، عن الفقر، عن الخوف، عن القلق، او عن الجريمة والخطيئة – إظهار هذه الأشياء على أنها وحوش تعيش في الظلام كان أكثر تعبيراً من أي نص يمكن إضافته للحديث عنها.
حجم الأياكاشي لا تأثير له على قدراته، وكذلك الأمر بمقابلاتها الحقيقية – الأمر يعتمد تماماً على من يتعرض له، قطة صغيرة قد تدفع شخصاً للسرقة بينما تفشل مجموعة ضخمة من الأياكاشي التأثير على روح حرة واحدة كهيوري.
الحديث عن تحول المنتحرين إلى أياكاشي في الأنمي أضاف لنظرة ياتو السلبية عنهم، فهم أيضاً يتحولون لعبئ على العالم بسبب فعلتهم هذه – وبالتالي يتحولون لعبئ على ياتو نفسه الذي يجبر على قتالهم. حتى لو لم تكن تؤيد هذه النظرة في الحياة الواقعية، ستقتنع الى حدّ كبير بنظرة ياتو ضمن السياق، فلا يمكن التوقع من إله أن يفهم كل جوانب النفس البشرية الضعيفة.
الإله والخطيئة
وبعيداً عن فكرة “عرض الآلهة” بحدّ ذاتها الموجودة في الأنمي، حاول أنمي نوراغامي تبرير استجابة الآلهة للدعاء، واهتمامهم بمصالح البشر، ومحاولة تحقيقهم للتوازن في العالم من خلال القضاء على الأياكاشي، هو استمرارية وجودهم. نظام يضع حدوداً اجتماعية حتى بين الآلهة نفسهم.
مجتمع الآلهة المفصول بين الآلهة المشهورين القادرين على الموت والحياة مرات متعددة، ومجتمع الآلهة المجهولين الذين لا يمكن أن يعودوا بعد الموت، والتمييز بين الفئتين وطريقة تعاملهم مع المهام الموكلة إليهم وأولويات الحياة بينهم مختلفة جداً. ياتو كأحد الآلهة المجهولين يستمر بالعيش من خلال القتل أو اداء المهام المهينة، بينما يعيش آلهة مثل بيشامون في رفاهية مساعدة مئات الأرواح الضائعة دون أي حاجة لأداء مهام لا تليق بمرتبتها.
فكرة الخطيئة، واختلاف مفهوم الخطأ والصواب بين البشر، الأرواح، والآلهة ربما يكون المفهوم الأكثر مفاجئة في القصة كونها عرضت الآلهة من البداية على أنها ليست مخلوقات مطلقة القدرة أو الوجود. العبارة التي يقولها ياتو لبيشامون عن كون الآلهة لا يخطئون، وأن ما يقوم به الإله هو الحق، سواء بدا شرّاً أم خيراً، تجعل تغير شخصية ياتو إلى شخص “أفضل” أكثر تعقيدا، فهو لا يرغب بالتغيير من كونه الإله القاتل لكونه الإله المساعد فقط لأجل “الخير” بل لإرادته الشخصية.
مفهوم الخطيئة في عالم البشر مختلف تماماً عن ذاك في عالم الأرواح، في عالم البشر، لم يمثل الأنمي الخطيئة سوى بكونها أمر يدفع الأياكاشي الناس لفعله، ما يجعلهم خارج دائرة الذنب والعقاب، بينما في عالم الأرواح كانت الخطيئة مجسدة بشكل مرئي كإصابات في الجسد، وكانت تخضع للقواعد الأخلاقية للشخصية بذاتها – أي أن الشخص هو من يحكم على نفسه بالخير أو الشر، وهو من يعاقب نفسه على هذا الشر.
على الأرواح الاعتراف بخطأها، والتعرض للمحاسبة من أرواح أخرى، أرواح لم تذنب، أو اعترفت من قبل، كي تتخلص من الذنب والأذى القادم منه.
شخصياً، هذا ما رأيته في أنمي نوراغامي، وأعتقد انه يستحق الملاحظة إن لم يكن واضحاً من البداية. وهو ما يجعلني أنصح به لأي مبتدئ، كونه يمثل مزيجاً مثالياً بين الفن، الأفكار المثيرة للاهتمام، والتقديم السهل لهذه الأفكار. القصة وتقديمها أيضاً لم يكونا سيئين على الإطلاق وهذا يختم الصفقة ليكون الأنمي المثالي لبداية مثالية.
للاسف الانمي ماعجبني
افضل مافيه هو الجانب البصري من حيث الرسم والمؤثرات
وأسوأ شيء فيه هو الطريقة اللتي قدمت فيه شخصية ياتو كإله اعتقد انهم بالغة كثيرا