دُشن عالمنا بجريمة قتل هابيل لأخيه، جريمة تناسلت جيلاً بعد جيل فشكلت دوامة لا متناهية من العنف. في عالم كهذا، يصبح الموت الوجه الوحيد لخلاص الروح الإنسانية وتحررها من قيود العنف والوحشيّة. يبدأ أنمي Shigurui بمناشدة يقوم بها أحد اتباع اللورد كي يتراجع عن قراره باستخدام الأسلحة الحقيقية في المنافسة التي ستقام قريباً على أراضي القلعة فلا معنى للتضحية بمحاربين متميزين من أجل المتعة فقط، ولكنه حين يقابل ببرود سيده يُقدم على طعن نفسه احتجاجاً على عبثية الموت الذي يتعطش سيده له.
يتقدم في المشهد التالي محارب أعمى وأعرج يدعى إيراكو سيغين ليقاتل فوجيكي غينوسكي المحارب ذو الذراع الواحدة. يمثل مشهد المواجهة نهاية هذا القصة التي تُعرض أحداثها بدون تسلسل زمنيّ واضح، ففي الكثير من الأحيان تتداخل لقطات من الماضي والحاضر وحتى التخيلات ببعضها البعض مما يجعل القصة تبدو فوضوية في البداية. ولكن مع تقدم الحلقات تجتمع كسرات المشاهد لتعطيّ صورة واضحة عن شابين محاربين يحاولان أن يجدان لنفسيهما مكاناً بين عشيرة للساموراي يرأسها أقوى رجل في اليابان.
اقرأ أيضاً: مراجعة أنمي Twelve Kingdoms – مراجعات جوليا
تدور أحداث القصة في مدرسة الفنون القتاليّة المعروفة والمرهبة والتي يرأسها كوغان المحارب المرهوب والذي بلغ من الوحشيّة حتى أصبح يمضي أيامه مترنحاً بين حالة من الوعي وعدمه. مستخدماً مكانته يستعبد كوغان من حوله من تلامذته وحتى ابنته ويجبرهم على تجرع قسوته يوماً بعد يوم حتى يصبحون وحوشاً بدورهم مجردين من إنسانيتهم وقدرتهم على الحب. وهذا لوحده أكثر من كافي لملئ اثني عشرة حلقة بالغيرة والشهوة المتولدة عن التنافس الحتميّ على المركز إضافة لمشاعر الإزدراء التي لا تصيب النساء فقط، بل أيضاً الذين يجرؤون على إظهار عواطفهم تجاه أي شيء.
يركز Shigurui على تصوير الجوانب الأكثر قتامة من حياة الساموراي وما يخلفه عالمهم المليء بالقسوة والتعطش للقتل في نفوس الناس، فتغلب درجات الرماديّ على أجواء المسلسل فيما عدا لون الدماء الأحمر في إشارة إلى احتضار الإنسانية أمام العنف المتأصل في النفوس. وما يميز المسلسل هو أنه لا يؤيد ولا يستنكر منهجاً سلوكياً معينا، بل يكتفي بمراقبة ورصد التحولات التي تطرأ على الشخصيات مع كل حدث.
تتعامل كل شخصية مع عالمها بطريقة مختلفة، فنرى فوجيكي وهو يتبنى عقيدة الساموراي ويعمل بإخلاص من أجل أن يقبلوه بينهم فيسلبه ذلك القدرة على الاختيار حتى فيما يتعلق بالفتاة التي يحبها، بينما يختار إيراكو منهج التحدي فيشق طريقه نحو القمة بالقتل. وتستبعد الشخصيات الأنثوية عن عالم الرجال فيما عدا “مي” ابنة كوغان التي تتوق إلى أحد يحررها، و “أيكو” التي تتفانى في حبها لإيراكو… ولاشك أن هذه الشخصيتان هما الجانب الإيجابي الوحيد في القصة.
لفت نظري قلة الحوارات في أنمي Shigurui، فكان أشبه بمسرحية شبه صامتة تستخدم تعابير الوجه للتعبير عن مكنونات الشخصيات. وكما في المسرحيات اليابانية القديمة فالمؤثرات الصوتيّة تكون دائماً في الظل، أما الموسيقا التي لا أستطيع تحديد إن أحببتها أم لا، فهي مستوحاة من موسيقا ذلك العصر. وجدتها غريبة أحياناً، ومناسبة أحياناً أخرى.
أخيراً، بالإمكان القول أن أنمي Shigurui “سعار الموت” هو مسلسل مميز لم يسبق لي أن رأيت مثله، ولكن يعيبه كثرة المشاهد الدمويّة ونهايته الغير مكتملة والتي تتطلب الرجوع إلى أحداث المانغا لفهمها كليّاً. إلا أنه بالرغم من كل شيء، يستحق المشاهدة.. فهو تجربة جديدة ورحلة غوص في أعماق الظلمات بحثاً عن الإنسانية.
ملاحظة: قمت بإضافة تحليل خاص مترجم عن نهاية الأنمي، من أجل تفسيرها أكثر، حتى تكتمل التجربة والفهم.
تقرير حلو، سلمت
(سكرة الموت) احسن كاسم