موب سايكو 100 الجزء الثّاني هو بدون شك أكثر عمل انتظرت إعلانه في السّنتين الماضيتين. بعد عرض الموسم الأوّل والّذي حصل على استقبالٍ ضعيفٍ في بدايته تحوّل إلى حبٍ جامحٍ من المتابعين مع نهايته وإنتهاء المانغا في السّنة الماضية من المؤلّف ون فالتّوقّعات للموسم الثّاني تصل إلى أقصاها. قمت كذلك بكتابة مقالٍ مفصّل عن آرائي بالموسم الأوّل والّذي أنصح بقراءته من هنا (ليس ضروريّاً لهذه السّلسلة لكنّه محتوى إضافي لمن يرغب).
على هذه الخلفيّة قرّرت كتابة سلسلة مقالات مفصّلة لعمليّة إنتاج الموسم الثّاني. السّبب يعود إلى كون موب سايكو 100 (بالرّغم من كامل المستوى القصصي والكوميدي الممتاز به) فهو أحد أفضل إنتاجات العقد الأخير بدون شك مع تقديم أفكارٍ خارج الصّندوق من جميع النّواحي. هدف السّلسلة سيكون التّركيز على الإخراج/الإنتاج مع تعريف بسيط بفريق العمل خلف الأنمي وتوفير معلومات وتحليلها بقدر الإمكان عن الطّريقة الّتي تم بناء العمل بها بصريّاً.
أبطال فريق الإنتاج وأهم العاملين
قام استديو Bones بإنتاج الموسم الأوّل والثّاني من موب سايكو 100، لكن كما ذكرت في مقالي السّابق عن استديوهات الأنمي لا يعني هذا أنّ فريق العمل عليه هو ذاته الّذي يعمل على My Hero Academia على سبيل المثال. لذلك لابدّ لنا من التّعرّف على فريق العمل هنا والقليل عن خلفيّته في الصّناعة:
المخرج Yuzuru Tachikawa
المخرج يوزورو تاتشيكاوا هو أحد الوافدين الجدد (نسبيّاً) في صناعة الأنمي. يختص تاتشيكاوا في تصميم الـ StoryboardsStoryboarding لوحة القصّة – Storyboarding هي خطوة أساسيّة في صناعة الأفلام تُشير إلى رسومات في لوحة متسلسلة مع ملاحظات مهمّة. عادة ما يقوم المخرج بصناعة لوحة القصّة ولكن من الممكن تواجد فنّاني Storyboarding متخصصين في الفريق كذلك. مثال. (الستوريبوردز هي لوحات تلخّص تصميم المشهد قبل رسمه بالكامل، سيتم عرض بعضها بالأسفل للتّوضيح) وإخراج الحلقات ولم يعمل كرسّام أنيميشن سوى نادراً. شارك في العديد من المشاريع الضخمة مثل Kill la kill ، Steins;gate ، Bleach كمخرج حلقات ومصمم Storyboards إلى أن سنحت له الفرصة أخيراً بالعمل على مشروعه الخاص.
دخل تاتشيكاوا في مشروع “2012 Young Animator Training Project” وهو أحد المشاريع التي تعطي فرص لرسّامين مبتدئين بإزالة قيود الإنتاج المعتادة وترك مخيّلتهم تعمل على أي مشروع يريدون تجربته. هذه كانت الفرصة الكبرى لتاتشيكاوا لصناعة شيء خاص وكانت النتيجة Death Billiards:
عمل تاتشيكاوا على كل شيء (إخراج، تصميم Storyboards، سكربت، والفكرة كاملة) في هذه الأوفا عدا الرّسومات المفتاحيّة (Key animationKey Animation إطارات مفتاحيّة – Key Animation هي الرّسومات الّتي تكوّن لقطة الأنيميشن بشكل أساسي بحيث تظهر بشكلٍ متسلسل لتخلق "حركة" في المشهد. تعتبر هذه اللقطات حجر الأساس للأنيميشن ويتم ملئ الفراغات بينها عن طريق ما يسمّى بالبينيّات أو الـ In-betweens. الشّخص الّذي يعمل في هذا المجال يُسمّى Key-animator.) . وقد كانت الأوفا ناجحة جدّاً ومحبوبة إلى درجة أنّها حصلت بعد سنتين على إنتاجٍ تلفزيوني كامل بإسم Death parade بقيادته كذلك. طبعاً كان الأنمي كذلك أحد أنجح أنميّات السنة وربّما العقد مع استقبال نقدي جيّد جدّاً.
بعد الإنتهاء من مشروع Death parade رغب تاتشيكاوا بالبدء بشيءٍ أكثر طموحاً. مشروع موب سايكو 100 في سنة 2016 كان المنتظر ومعرفته بالعديد من العاملين على المشروع (أهمّهم الرسّام كاميدا) جعله شيئاً مميّزاً بشكلٍ خاص.
أسلوب تاتشيكاوا في الـ Storyboards والـ Layout يعمد إلى كونه مفعم بالحيويّة والسّلاسة إضافة إلى مراعاته لتبديل الكاميرا في الأوقات الصّحيحة لمحاكاة الإصطدام. مثال:
مصمّم الشّخصيّات/مخرج الرّسوم Yoshimichi Kameda
إذا كان المخرج تاتشيكاوا هو عقل موب سايكو 100، فالرسّام يوشيميتشي كاميدا هو قلبه. بدأ كاميدا مسيرته كـ Freelancer مثل أغلب رسّامي الأنمي وعمل على العديد من العروض المتنوّعة (أغلبها بإشتراكٍ مع Hiroshi Ikehata). أعماله على ساكوغا في Fullmetal alchemist: Brotherhood كانت مذهلة ومن تلك النّقطة بدأ ببناء شهرة عالية في وسط محبّي الساكوغا. قام كذلك بالعمل على مفتاحيّات من Space Dandy و Kill la kill و The Dragon Dentists.
في عام 2016 شارك كاميدا بمشروع موب سايكو 100 بأدوارٍ رئيسيّة (مصمّم شخصيّات و مخرج رسوم). يمكنني حتّى القول أنّ أثره على المشروع أضخم من المخرج تاتشيكاوا. حقيقة أنّها يعرفان بعضهما وعملا سابقاً سويّاً على عدّة مشاريع تجعل موب سايكو 100 اتّحاداً قويّا بينهما. دور كاميدا في موب سايكو 100 الجّزء الأوّل كان كبيراً جدّاً. بدأً من العرض التّرويجي الأوّل المحرّك كاملاً من كاميدا لوحده إلى عمله كمخرج رسوم على أضخم حلقات الأنمي (الحلقة الثّامنة) ولقطات الشّارة، جميعهاً كانت من عمله!
أسلوب رسم كاميدا يمكن وصفه بالـ مبالغة. كانت لقطات المخرج والرسّام هيرويوكي إيماييشي (كتبت عنه سابقاً هنا) مصدر إلهامٍ أساسيٍّ له. لذلك يمكن قراءة الكثير من التّشابه بين أسلوب الأنيميشن في موب سايكو 100 وأعمال استديو تريغر مثل Kill la kill. يستغل كاميدا في مفتاحيّاته منظوراتٍ مبالغ بها وتوقيتٍ ذكيٍّ لنقل مشاهده المملوءة بالأكشن والحركة. إضافةً إلى هذا يُعرف كاميدا باستخدامه لفريمات الإنفجار القاسية (بالأبيض والأسود) ولويه للشّكل المادّي للشّخصيات في خدمة الحركة:
يمكنني تلخيص هذا الأسلوب بالقول أنّه “لعوب” جدّاً في مفتاحيّاته ويحاول جعلها ممتعة بغضّ النّظر عن المحتوى أحياناً. هذه اللّقطة من Bleach تلخّص الكثير من أسلوبه وأسلوب المخرج تاتشيكاوا لأنّها عملٌ مشترك لهما وهي أحد افضل لقطات المسلسل:
فنّانة الزّجاج Miyo Sato
موب سايكو 100 هو أحد تلك المشاريع الّتي لا تكترث للمعنى التقليدي للأنيميشن الجّيد بل تدفع حدود الصّناعة بدون توقّف. توظيف أحد الرسّامين التّجريبيين مثل ميو ساتو على هذا المشروع هو دليلٌ قويّ على هذا.
ميو ساتو هي رسّامة، لكن ليس بالمعنى التّقليدي. تختص ساتو بالرسم على الزّجاج والاستفادة من خصائصه لصناعة لوحات فنّية سرياليّة عجيبة (كذلك تقوم أحياناً بالرّسم بالرّمل!). اعتمد فريق موب سايكو 100 عليها بالعديد من اللّحظات المفتاحية بالسّلسلة في الجّزء الأوّل وأهمّها شارة النّهاية المذهلة المحرّكة كاملاً بعملها فقط!
أخد أعمالها الأخرى من مدوّنتها:
الرسّام Yutaka Nakamura
إذا ما كنت متابعاً لهذا الموقع أو مجتمع السّاكوغا فبالتّأكيد قد سمعت اسمه سابقاً. المحرّك المشهور يوتاكا ناكامورا أحد الأعضاء الأساسيين في استديو Bones وقد قمت سابقاً بكتابة مقال مفصّل عنه وعن أسلوبه أنصح بالعودة له هنا.
باختصار يأخذ ناكامورا مشاهده إلى بعدٍ آخر بصناعة Storyboards خاصّة به والاستفادة من هذه الحريّة للوصول لمشاهد مبتكرة كثيراً من لعب بالكاميرا وأنيميشن مؤثّرات عجيب. في الواقع هو ليس من فريق عمل موب سايكو 100 رسميّاً لكن بالرّغم من هذا فقد ظهر في الموسم الأوّل مرّتين (وأتوقّع ظهوره في الثّاني) ويا له من ظهور!
سأكتفي بذكر هذا العدد من العاملين. بالطّبع هناك الكثير من الأشخاص المهمّين الآخرين، لكنّي سأذكرهم خلال مرورنا بأعمالهم.
شارة البداية في موب سايكو 100 والإحتفال بالأنيميشن بجميع أنواعه
عندما أفكّر بالهويّة البصريّة لموب سايكو 100 فأوّل ما يراودني هو الإختلاف أكثر من التّشابه. بالطّبع هذا الإختلاف لا يميّع أو يشوّه أهداف العمل البصريّة بالرّغم من هذا وهو المفاجئ حقّاً هنا. السّبب يعود بنظري إلى أنّ العمل يحتفل بهذه الأساليب البصريّة المتعددّة محاولاً الوصول إلى شكلٍ فريدٍ من نوعه ومتماسكٍ تماماً تحت نظرة تاتشيكاوا و كاميدا.
الافتتاحيّة الثّانية للعمل هي تماماً ما أعنيه هنا بشكلٍ حرفي. هذه الإفتتاحيّة تمر بالعديد والعديد من التغيّرات السريعة الرّائعة في أساليب التّحريك أو ال References (مراجع) العديدة الّتي لا تتوقّف. لكنّها ليست كوكتيل غريب من المشاهد العشوائيّة بل تخدم العديد من الأهداف. بدون إطالة دعنا نحلّل بعض مشاهد الإفتتاحيّة العظيمة هذه:
قام المخرج تاتشيكاوا بالعمل على الـ Storyboards كاملة لهذه الإفتتاحية وأغلب الأفكار المعروضة بها تعود إليه، كذلك شارك الرسّام كاميدا في بعض مشاهدها. فالنقم بتحليلها برويّة:
تبدأ اللّقطة الأولى بمقطع CGI. وهو شيء غريب تماماً بالنّسبة لموب سايكو 100 الّذي كان واضحاً تماماً في موسمه الأوّل بعدم رغبته بإضافة مشاهد CGI على الإطلاق للسّلسلة. كما ذكرت سابقا فالأنمي يحتفل بكافّة أنواع الأنيميشن وبالرّغم من أنّ ال CGI ليس مناسباً للسّلسلة كاملة فقد استعاض المخرج تاتشيكاوا به بما أنّه لم يستطع إيجاد شخصٍ يرسم اللقطة له:
إذا ما كنت تتساءل عن سبب هذه التّشكيلة الغريبة من عدّة مجسمات موب ومجسم لتيروكي عملاق والدّوران فهو Reference لأسلوب أنيميشن قديم جدّاً من الثّمانينات قبل صناعة الأفلام وفكرة الفريمات يدعى بالـ Zoetrope. كان يتم رسم ال”فريمات” على ورقة أو على شكل مجسّمات وإدارتها بسرعة معيّنة فتظهر كأنّها جميعها في حركة دائمة. شيء ساحر فعلاً:
ننتقل بعدها إلى لقطة المكعّب مع وجوه الشّخصيّات، طريقة مبتكرة لعرضهم وتشير أيضاً بشكلٍ غير مباشر إلى عقدة موب:
بعد هذا نصل إلى لقطة أخرى تستعرض أسلوب أنيميشن قديم، لكنّه ليس بقدم الـ Zoetrope وربّما تعرفه من طفولتك:
يعرف هذا الأسلوب في الأنيميشن بإسم الـ Kinegram. أذكر عندما كنت صغيراً حصلت على أحد هذه الرسومات مع ورقة شفّافة مخططّة بالأسود وكنت منبهراً تماماً عندما مررت الورقة على الصّورة وبدأت الشّخصيّات بالحركة!
ننتقل بعدها إلى مشهد يستعرض شكلاً مميّزاً للكرة الأرضيّة مع مباني عملاقة (وهي العكس التّام من أوّل مشهد في الافتتاحيّة الأولى الّذي بدأ من داخل الكوكب). في الأمام تقف أغلب شخصيّات العمل بينما تنهار على شكل دومينو متتالٍ:
أحد الإضافات الصّغيرة الطّريفة هنا هي إذا ما قمت بمشاهدة المشهد بعناية شديدة ستلاحظ أنّ معظم الشّخصيات تقوم بإظهار أحد أنواع التّعابير عند الإقتراب منها والوقوع بناءً على شخصيّتها.
كذلك نلاحظ عودة الملاهي المتحرّكة مع رؤوس الشّخصيّات من الإفتتاحيّة الأولى.
نحصل بعدها على العديد من مشاهد الهلوسة مع زوايا غريبة:
ننتقل إلى أحد لقطاتي المفضّلة من الشّارة، تحوّل موب الظّاهر عن طريق خروج معالم وجهه وعودتها بشكلٍ متوحّش (مع استخدام الخطوط الرصاص لإظهار التحوّل). اللّقطة عظيمة من تحريك الرسّام Yuuto Kaneko الّذي شارك في العديد من أعمال استديو تريغر (ويحمل بصمة Yoh Yoshinari معه):
هنا يظهر أعضاء المنظّمة وننتقل إلى مفاجئة مع أحد أفضل مشاهد السّاكوغا في السّلسلة كاملة. مشاهد لقتال الشّخصيات في المباني الحمراء:
اللّقطة من تحريك العديد من الرسّامين: متخصص المؤثّرات Hideki Kakita والأنيميتور Nobuaki Nagano إضافة إلى كاميدا مع اللقطة الاخيرة. بالمناسبة الخلفية ليست CGI بل فيديو حقيقي من مدينة لكنّه مفلتر تماماً عن طريق أحد التّطبيقات الحديثة، وكأنّهم يحاولون تفادي الطّرق التقليديّة المملّة بكل ما يمكن!
جدير بالذّكر أنّ آخر لقطة تعاكس تماماً أحد لقطات الإفتتاحيّة الأولى. بدل الإبتعاد عن موب لوحده نقترب منه هذه المرّة لنشاهده مع أصدقائه:
يتم اختتام الإفتتاحيّة بأحد أهم رسائل العمل:
ومن ثمّ إعادة المشهد الأوّل من الشّارة بشكلٍ معاكس ليتم إغلاقها كما بدأت:
هذه كانت أهم العلامات والأفكار الّتي دخلت في إنشاء هذه الشّارة. كان هناك الكثير من القلق حول قدرة الفريق على صناعة شارة تضاهي الأولى ولكن أظنّ أنّنا نستطيع القول أنّهم نجحوا في تجاوز التّوقّعات بجميع النّواحي. لا أبالغ بالقول أنّ كميّة الأفكار الّتي دخلت هذه الإفتتاحيّة تضاهي حلقات كاملة من أنميّاتٍ أخرى.
شكراً لمرورك، لا تنسى نشر المقال إذا أعجبك واترك تعليقاً برأيك بهذه الشّارة ونوعية المقالات كهذه.
لقراءة المزيد عن إنتاج حلقات موب سايكو 100 الجّزء الثّاني:
(سيتم إضافتها عند الإنتهاء)
قلبي الصغير الساكوغايي لا يتحمل كمية الجمال هذه