إيرادات الأنمي و كيف استطاعت الصناعة أن تصل إلى 2 ترليون ين، نظرة تحليلية

نشرت جمعية الأنميشن اليابانية AJA تقريرها السنوي حول صناعة الأنمي لعام 2016 و نشرت ملخصًا باللغة الإنجليزية هنا، التقرير كشف أن إيرادات الأنمي وصلت و للمرة الأولى إلى 2 ترليون ين خلال عام 2016. في هذا المقال سنقوم بإلقاء نظرة تحليلة حول صناعة الأنمي في السنوات الماضية و العوامل المؤثرة حولها.

إيرادات صناعة الأنمي ككل

من الرسم البياني نلاحظ تحولين رئيسين:

  • عام 2009 مع الأزمة المالية، في أواخر عام 2008 واجهت الولايات المتحدة و أوروبا أزمة تعرف بـ”أزمة الرهن العقاري”، الأزمة ضربت الشركات الغربية و أضرت باقتصادياتها و هذا الأمر انعكس على إيرادات صناعة الأنمي، نلاحظ بوضوح هبوط الإيرادات الخارجية للأنمي (باللون البرتقالي) من 413.7 مليار ين في عام 2008 إلى 254.4 مليار ين في 2009 بنسبة هبوط بلغت 38%، و لم تتحسن الإيرادات الخارجية إلا بعد 5 سنوات من ذلك الهبوط، لكن لحسن الحظ فإن إيرادات الأنمي لم تتضرر بشكل كبير من الأزمة حيث ظلت الإيرادات المحلية ثابتة (رغم أن الصناعة نفسها تأثرت بالأزمة).
  • عام 2015 حيث سجلت الإيرادات الخارجية رقمًا قياسيًا للمرة الأولى منذ 10 سنوات و استمرت في هذا الارتفاع الهائل في عام 2016 كذلك، في الحقيقة هذا الارتفاع كان نتيجة دخول السوق الصينية بشكل رسمي عام 2013 و كذلك عندما سمحت الحكومة الصينية بعرض الأفلام اليابانية في السينما الصينية في عام 2015، خلال 3 سنوات فقط من دخول السوق الصيني ارتفعت الإيرادات الخارجية بنسبة 171.9%، السوق الصينية مجنونة حقًا (الإيرادات الخارجية تشمل تراخيص الأنميات التلفزيونية و الأفلام و الألعاب إلخ).

إيرادات الأنمي ظلت تنمو خلال السنوات الماضية بنسبة 110%، على الرغم من هبوط الإيرادات القادمة من الألعاب والأعمال التلفزيونية و السلع التجارية و آلات الباتشينكو، إلا أنه تمت تغطية العجز من خلال الأفلام والموسيقى والتوزيع الرقمي و الفعاليات الحية و كذلك الإيرادات الخارجية، كل الفضل يعود إلى فلم Your Name و الذي يعود له الفضل في ارتفاع الإيرادات الخارجية إلى هذا الحجم، بالإضافة إلى ارتفاع الإيرادات القادمة من الأفلام.

صحيح أن إيرادات الأنمي قد وصلت إلى رقم قياسي إلا أنه يجب الحذر من أن يكون هذا الأمر مجرد فقاعة قد تنفجر في أي وقت، بالإضافة إلى أنه يجدر الحذر من السوق الصينية و تأثير السياسة عليها كما حدث عندما تم حظر الأعمال الأمريكية من العرض في الصين، و كذلك احتمالية تطبيق القانون الذي تم إقراره عام 2016 (الذي يقوم بحظر برامج الأنميشن من البث في أوقات الذروة) كأحد الأسباب المحتملة للتراجع في المستقبل.

عام 2016 هو عام ناجح بكل المقاييس للأفلام و الأعمال السينمائية و ذلك الفضل يعود إلى “Your Name. و In This Corner of the World و Shin Godzilla (من نوع مؤثرات بصرية و ليس أنميشن)، هذا الارتفاع الكبير هو أعلى ارتفاع منذ أن بدأ تسجيل إيرادات الأفلام عام 2000 (عام 2001 كان ارتفاعه بسبب فلم Spirited Away)، كذلك حصلت أفلام الأنمي على العديد من الجوائز المحلية والعالمية بالإضافة إلى إشادة العديد من النقاد عنها.

مقارنة في أعداد الدقائق للأنميات التلفزيونية بين فترة النهار و منتصف الليل

في كل دول العالم يُنظر إلى أعمال الأنميشن على أنها للأطفال، خلال السنوات الماضية كان الأنمي في معظمه يتم عرضه في النهار حتى عام 2015 عندما تفوقت أنميات منتصف الليل و للمرة الأولى على أنميات الفترة النهارية، أعمال الأنمي أصبحت تتوجه بشكل أكبر إلى البالغين (التوجه لا يعني الجودة بالضرورة). هنالك أيضًا زيادة في أعمال الأنميشن القصيرة، حيث ارتفعت أعداد الدقائق للأعمال القصيرة خلال أربع سنوات من 275 إلى 356 (مع ثبات الدقائق الإجمالية للأنمي ككل عند 110 ألف دقيقة) و بسبب تأثير أعمال الانترنت سيزداد أعداد المبدعين المستقلين، خصوصًا أنها غير ملتزمة تحت إطار زمني محدد.

هنالك أيضًا ألعاب الهواتف الذكية التي ازددات بشكل كبير في السنوات الأخيرة و التي تبشر بزيادة في حجم سوق الأنمي، على سبيل المثال لعبة Fate/stay night للسوق الياباني والصيني، كذلك لعبة Dragon Ball Z Dokkan Battle التي نجحت بشكل كبير و كانت موجهة للسوق الصينية، حتى الآن لم يتم إضافة إيرادات الألعاب كقسم مستقل في التقارير الموجودة لكن لديها إمكانيات كبيرة كمحرك لسوق الأنمي مثل الباتشينكو (تمت إضافتها إلى تقارير الجمعية عام 2008) و التي ربما تكون مصدر دعم قوي مستقبلًا.

أعداد الدقائق المُنتجة للأنميات التلفزيونية

عام 2016 وصلت أعداد دقائق الأنمي التلفزيونية المنتجة إلى 115,805 دقيقة متفوقة على عام 2015 الذي كان 115,533 دقيقة، الارتفاع الذي حصل و سيحصل في قادم السنوات ناتج عن دخول لاعبين و مستثمرين جدد من الخارج إضافة إلى الاستديوهات المحلية التي تمتلك سياسات استثمارية جيدة، لكن هنالك آثار جانبية مثل التأخير و تعليق الإنتاج و غيرها من المشاكل الإنتاجية. على الرغم من أن الطلب على أعمال الأنمي الجديدة ما يزال مرتفعًا إلا أن هنالك مخاوف من أن تكون صناعة الأنمي قد وصلت لحدها الأقصى في الدقائق المنتجة و ذلك لدى الاستديوهات التي تعتمد على الرسم اليدوي.

إيرادات الأنمي من السينما

فلم Your Name حصد 25 مليار ين و بسببه فقد حققت إيرادات الأنمي السينمائية قفزة كبيرة في الأرباح، منذ منتصف التسعينات كانت أعمال جيبلي هي التي تقوم بدفع إيرادات الأنمي في السينما اليابانية، و في عام 2015 حققت إيرادات الأنمي 47.7 مليار ين و هي المرة الأولى من دون إصدار أي عمل من أعمال جيبلي و هذا الأمر أعطى نظرة متفائلة بأنه من الممكن الاستمرار من دون أعمال جيبلي، حينها حدث الأمر الذي لم يتوقعه أحد عندما تم إصدار فلم Your Name، كان الاعتقاد السائد بأن الإيرادات التي سجلها السيد هاياو ميازاكي لا يمكن تخطيها، و مع ذلك قام فلم Your Name بتسجيل ثاني أعلى فلم ياباني في تاريخ السينما اليابانية و ثاني فلم يقوم بكسر حاجز 20 مليار ين من بعد فلم Spirited Away، و بلا شك فإن الفلم قد أعطى دفعة قوية لأعمال الأنمي السينمائية والتي سيستمر تأثيرها لفترة من الزمن.

أعداد الأنميات السينمائية والدقائق المنتجة

رغم انخفاض أعمال الأنمي السينمائية في عام 2016 إلى 81 عمل سينمائي عن عام 2015 الذي كان 86 عمل، إلا أن إيرادات 2016 كانت أعلى بالإضافة إلى أن أعداد الدقائق في 2016 أعلى من 2015، كما أن أعمال الأنمي السينمائية ما تزال ناجحة بفضل الأفلام المستمرة مثل المحقق كونان و دورايمون و كذلك ازدهار بعض الأفلام الصغيرة والمتوسطة بالإضافة لفلم Your Name، كل هذا النجاح سيصب في صالح الصناعة من حيث تحفيز المستثمرين لإنتاج المزيد من الأعمال.

أعداد الأنميات التلفزيونية

في عام 2016 تم عرض 356 أنمي تلفزيوني (90 أنمي مستمر و 266 أنمي جديد) و هذا العدد أكثر من 2015 بحوالي 15 أنمي، هنالك مجموعة جديدة دخلت الصناعة منها دخول من شركات الألعاب لإنتاج أنميات جديدة للترويج لألعابها على الهواتف الذكية، في الحقيقة أعمال الأنمي المبنية على تلك الألعاب في زيادة مستمرة و هذا ينم عن نجاح الترويج من خلال الأنمي، أيضًا هنالك الصين ذلك السوق النهم جدًا للأنمي حيث أن هنالك زيادة مستمرة في الطلب على الانمي في السوق الصيني و هذا الأمر أدى إلى زيادة أسعار التراخيص في السوق، و في ظل هذه الظروف قام بعض موزعي الإنترنت الصينين بالدخول كمستمرين في إنتاج الأنمي من أجل الحصول على الترخيص في الصين.

التقرير لم يشر بشكل كبير إلى أمازون ونتفليكس و مدى تأثيرهما و لا عجب في ذلك، حتى عام 2016 لم يكن هنالك تأثير كبير من ناحية تلك الشركات لكن الأمر قد يختلف في قادم التقارير في السنوات القادمة.

أسواق الأنمي الخارجية

لنفصل قليلًا في منطقة الشرق الأوسط، ما تزال المنطقة تعاني من ضغف كبير في ما يتعلق بالأنمي و إيراداته، أعداد العقود في المنطقة لم تتجاوز 5 عقود، أما أعداد الأعمال المرخصة في المنطقة فهي ما دون 40، صحيح أن المستوى تطور كثيرًا عن السنوات السابقة لكن بالمقارنة مع المناطق الأخرى فلا تزال المنطقة العربية ضعيفة.

في ما يتعلق بالعالم أجمع فالصين تقول لهم “مرحبًا”، حتى عام 2014 كانت التعاقدات الخارجية لم تتجاوز 100 عقد لكل دولة، كانت كوريا وتايوان والولايات المتحدة في مقدمة تلك الدول لتبدأ بعدها صراعات جديدة مع دخول الصين للسوق، التعاقدات الخارجية ارتفعت بشكل كبير خلال بضعة أعوام و احتلت الصين النصيب الأكبر من تلك التعاقدات.

توزيع استديوهات الأنمي اليابانية

استديوهات الأنمي كحال أي صناعة أخرى متغيرة، استديوهات تذهب و يأتي غيرها، تقنيات وشركات جديدة تنضم للسوق. عدد الاستديوهات حاليًا في اليابان يصل إلى 622 استديو بما فيها الاستديوهات التقليدية و CG والتخطيط والخلفيات والمؤثرات الخاصة إلخ، و تعتبر العاصمة طوكيو هي الحاوية لأغلب الاستديوهات حيث يقع في ضمنها 542 استديو و تستحوذ منطقة سوغينامي على أعلى عدد استديوهات في طوكيو بتعداد 138 استديو، تليها منطقة نيريما بتعداد 103 استديو.

خاتمة:

مع مرور الوقت يتوسع سوق الأنمي بشكل كبير جدًا و يستقبل المزيد من المستثمرين و الميزانيات الكبيرة. نلاحظ بشكل نقي على قوة السوق الصيني و كيف أن السوق الصينية تتوغل أكثر فأكثر في صناعة الأنمي، هذه الاحصائيات تعود لعام 2016 و  في وقتنا الحالي في عام 2018 نرى و بشكل واضح تواجد الأنميات الصينية-اليابانية بكثرة حتى لا يكاد يخلو موسم واحد من دون عمل أو عملين بتعاون صيني-ياباني يتم عرضه في اليابان. أيضًا لا ننسى المستثمر الغربي و تواجد شركات كبيرة مثل نتفليكس وأمازون في الساحة والتي ربما نرى تأثيرها في قادم التقارير.

قد يكون هذا الأمر مفيدًا للسوق حيث ستكون هنالك أعمال أكثر و تنوع أفضل لكن ذلك سيكون على حساب الجودة، صناعة الأنمي لم تعد تستطيع تلبية الطلب الكبير على الأنمي و هذا ما أثر بشكل كبير على جودة حتى أصبحنا نشاهد باستمرار تدهور العديد من الأعمال في منتصف العرض و كثرة المشاكل الإنتاجية للعديد من الأنميات. سوق الأنمي يحتاج إلى القليل من إعادة الضبط بعد كل تلك الاستثمارات الضخمة التي دخلت إليه، و من يدري هل سيتم ضبطه قبل فوات الأوان أو سنرى انتكاسة كبيرة تعيده إلى رشده.

ترغب باستلام اشعار عندما ننشر مقالاً جديداً؟

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.