الصراع الدائم بين فرديّة رسّام الأنيميشن وتماسك المظهر العام

العمل في المجالات الفنّية يتطلّب روحاً قويّة وإصرار كبير. فعندما تبدأ في أيِّ من هذه المجالات سيتوجّب عليك تعلّم الأساسيّات التقنيّة وفهم العديد من النقاط النظريّة التّي تجعل هذا المجال مميّزاً عن غيره. الأمر نفسه ينطبق على الأنيميشن. لكن بعد تجاوز هذه النقطة تصل إلى مرحلة معيّنة من مجالك حيث يمكنك التّجريب بحريّة أكبر وأخذ خطورة أعلى في ما تصنعه، هنا تبدأ مرحلة صناعة “هويّة” خاصّة بك.

تكلّمت سابقاً عن العديد من الرسّامين وأسلوبهم في التحريك أو صناعة المشاهد وما شابه. أبرزهم كان الرسّام يوتاكا ناكامورا والمخرج هيرويوكي إيماييشي. لكن دائماً ما كان خلف هذه المقالات سؤال كبير وأساسي وهو: هل نريد حقّأً أشخاصاً بهويّة شخصيّة صارخة كهذه في أعمالهم؟ هل هم مناسبين حقّاً للعمل في مجال تعاوني كبير مثل صناعة الأنيميشن؟

لطالما كان هذا الانقسام موجود، بين من يريد مظهراً عامّاً متماسك ووحيد للعمل ومن يريد الأسلوب الكامل لمن يعمل خلف كل مشهد. لذلك سأستغل هذا المقال لمناقشة الموضوع من عدّة نقاط مع تقديم نظرتي الشخصيّة للمجال.

تطوّر الأنيميشن الياباني والغربي

في ثلاثينات القرن الماضي بدأت ديزني صناعة أفلام الأنيميشن للترفيه. الفكرة العامة من هذه الأفلام كانت صناعة أفلام قصيرة موجّهة للأطفال تُحاكي خيالهم بطريقة مباشرة. التركيز الأساسي كان على صناعة مظهر بصري كرتوني جذّاب ومُبسّط للأطفال مع أنيميشن دائم لكن محدود بما يناسب الجمهور. ليس الحركة السريعة والمتقطّعة بل السلاسة الهائلة مع تطبيق لأساليب أصبحت فيما بعد مبادئ الحركة المعروفة مثل التمدد والانضغاط أو العرض المسرحي وما شابه. معظمها يتم استخدامها ككوميديا بصريّة كذلك في فضاء الشخصيّات نفسه.

هذا الاعتماد على الانيميشن الكثيف الدائم تطلّب رسّامين كثيرين نسبيّاً ليستطيعوا إنتاج هذه الأفلام. المعيار كان حوالي 12 فريم بالثانية بشكل دائم وهو رقم هائل بالنسبة لما نحصل عليه اليوم. فالنظرة العامّة وقتها كانت تطبيق هذا الأسلوب في التحريك مع التصاميم المُبسّطة بشكل دائم وهو ما أعطى المخرج حريّة تخيّل اللقطة وجعل عمل الرسّامين أقل فردية وأقرب لعمل جماعي تام. فتحصل على أعمال مثل توم وجيري والّتي تمتلك أنيميشن كثيف وتعابير مبالغ بها بشكل دائم مع أسلوب ثابت خلال العرض.

بالطبع بعد وقتٍ معيّن من إنتاج أعمال الأنيميشن ثنائيّة الأبعاد بدأ تطوير الأنيميشن ثلاثي الأبعاد على الحاسوب والّذي أثبت جاذبيّته أكثر للأطفال (الجمهور الأساسي لهذه الأعمال وقتها) ومع الوقت انقرضت أعمال الأنيميشن ثنائيّة الأبعاد بالشّكل المُتعارف عليه وقتها في الوسط الغربي.

في المقابل الأنيميشن الياباني حصل على مسار مختلف في تطوّره. عندما بدأ الأنيميشن الياباني الملوّن في الخمسينات من استديو توي أنيميشن كان مٌستلهم بشكل هائل من الأنيميشن الغربي الّذي بدأ قبل عقدين أو أكثر. أعمال تحاول محاكاة السلاسة الحركيّة مع تصاميم مبسّطة وتركّز على أنيميشن دائم مع عدد فريمات عالي. بالطّبع كان إنتاج هذه الأعمال على شكل افلام بشكل دائم تقريباً لتبرير تكاليفها كما كان الحال في الغرب. لكن في الستّينات حصل شيء مختلف.

أوسامو تيزوكا، رسّام مانغا ناجح وقتها ومتعاقد مع استديو توي، قرر في الستّينات إنتاج أعمال أنيميشن تلفزيونيّة لقصصه. للقيام بهذا قرر تيزوكا تغيير الأساسيّات الّتي كانت موجودة في الأنيميشن الغربي وتقليص تكاليف الإنتاج بطرق متطرّفة ليستطيع تحمّل تكلفة إنتاجها وعرضها على التلفزيون الياباني. هنا كان يجب التخلّي عن فكرة السلاسة الحركيّة والتّقليص الهائل في عدد الفريمات. نظام العمل هذا أثبت نجاحه بالرغم من كل شيء وأصبح نقطة افتراق بين الأنيميشن الغربي والياباني. تطوّر الأنمي فيما بعد مع هذه المحدوديّة ليصوّر تصاميم أكثر تعقيداً ويتم إنتاج أعمال تستهدف كل فئة عمريّة ممكنة.

لماذا أذكر هذا التّاريخ هنا؟ من المهم شرح نقطة الافتراق بين هذين العالمين لفهم ما يجعل نظام صناعة الأنمي الياباني مختلف تماماً وما خلق فيما بعد فكرة هويّة الرسّام. فبعد قطع التكاليف الهائل على الانمي مع نظام تيزوكا في الإنتاج تغيّر (مع الوقت) التّركيز كاملاً من محاكاة السلاسة في الأنيميشن إلى كسر للكثير من هذه النقاط للتعامل مع المحدوديّة الموجودة هنا على الإنتاج. هذه المحدوديّة خلقت الكثير من الأساليب المختلفة لرسّامين الأنيميشن للتعامل معها ومع الوقت تطوّرت هذه الأساليب لتخلق هويّة كاملة للرسّام نفسه. قلّة عدد العاملين على الحلقة جعل الرسّامين مسؤولين عن مشاهد أطول ومع الانتقال لمشاهدهم يُصبح أسلوبهم واضح وقويّ للمشاهد. بذور هذه الفكرة كانت موجودة منذ عصر توي لكن لم تتّخذ شكلها حتّى وقت متأخّر.

فرديّة الرسّام وصناعة الأسلوب الشّخصي

كما ذكرت سابقاً، فرديّة الرسّام وهويّته هو شيء مزروع في صُلب صناعة الأنمي منذ أن أخذت شكلها الّذي نعرفه اليوم. لهذا من الطّبيعي جدّاً أن تحصل على رسّامين يقومون بالتّركيز على هذا وتطوير أسلوبهم الخاص. على سبيل المثال ذكرت في مقال يوتاكا ناكامورا علامته الرئيسيّة في مشاهده وهي المكعّبات Yutapon cubes:

هذا الأسلوب كان ناتج عن نظرته الشخصيّة في طريقة التعامل مع مشاهد الانفجارات. ومن الجدير بالذكر كذلك أنّها في أساسها أسلوب توفير وقت لتسهيل التعامل مع الانفجارات بدون إضافة الكثير من التفاصيل في القطع المتناثرة. هذا يرتبط مع نقطتي السّابقة عن أنّ المحدوديّة تخلق أساليب شخصيّة ارتجاليّة في التعامل معها.

أحد الأساليب الأُخرى الّتي وُجدت من المحدوديّة وتحوّلت لأسلوب وهويّة شخصيّة هي طريقة الرسّام هيرويوكي ايماييشي في رسم المشاهد القتاليّة. إذ يتخلّى إيماييشي عن فكرة التحريك السلسة كاملةً ويصنع أسلوبه الشخصي في التعامل مع الحركة عن طريق رسم العديد من الفريمات الاستعراضيّة والاستفادة من قلّة السلاسة:

وبالطبع لا يجب دائماً على الرسّام أن يخلق هويته من التّعامل مع محدوديّة الصناعة. الأمر يعود تماماً إلى تطوّر نظرته الشخصيّة ومصادر إلهامه (على سبيل المثال الرسّام Kou Yoshinari صنع أسلوبه بدمج عناصر الديجيتال مع فريماته ليزيد التفاصيل في المؤثرات وما شابه. أسلوبه ليس كأي شيء مرّ عليك). ساحة الأنمي تُعطي مجالاً جيّداً للتجريب في المشاهد المختلفة وهو ما يجعلها مميّزة عن غيرها.

قيمة الأسلوب الشّخصي للرسّام في نقل المشاعر

لعلّ أحد أكثر النّقاط الّتي يُساء فهمها في هذا النّقاش بنظري هو وجود قيمة فنيّة في أسلوب الرسّام الشّخصي وما تُضيفه للّقطة ذاتها. قد تعتبر اللقطات في الأعلى مجرد انجاز تقني في محاولة إيجاد حلول للوقت المحدود وهي بالتّأكيد كذلك. لكنّ لهذا كذلك قيمة فنيّة تُضيف شعور قوي للمشهد يرفع مٌستواه عند استخدامه بشكل صحيح.

على سبيل المثال لقطات إيماييشي في الأعلى تُفيد في نقل شُعور الحركة السريعة جداً وهو مَبني بطريقة تستفيد من مبدأ شحن التوتّر وإطلاقه. إضافةً إلى ذلك استخدام أسلوب كرتوني هزلي في الحركة يُفيد طبيعة السلاسل الّتي يعمل عليها.

مثال آخر هنا هو الرسّام شينيا أوهيرا. أوهيرا بدأ عمله على لقطات أنيميشن عاديّة نسبيّاً في الثمانينات وتطوّر أسلوبه مع الوقت ليتحوّل إلى مشاهد سرياليّة مع خطوط ثخينة متعرّجة:

مشاهده تُشوّه الشخصيّات والفضاء حولها بشكلٍ مقصود لأنها تهدف إلى إظهار شُعور المشهد بشكل بصري يخاطب اللاوعي (وهو أساس الأسلوب السريالي في التحريك). أسلوبه لا يحاول أن يكون مختلف بلا سبب أو لإظهار إنجاز تقني معيّن بل يُضيف على المشهد الّذي يحرّكه شُعوراً فريداً لن تجده عند أي رسّام آخر.

ما أحاول الوصول إليه هو أنّ في أساليب الرسّامين قيمة جوهريّة على مشاهدهم تُضيف لها قيمة فنّية وليست مجرّد اختلاف أو مبالغة بلا سبب (مع وجود حالات شاذّة). البعض ينظر لوجود هذه الاختلافات على أنّها تجارب أنيميشن فارغة لا تنتمي للسلسلة لكنّي أرى فيها قيمة أكبر من هذا وشيء قد يكون مفيد جدّاً للسلسلة إن تمّ استخدامه بشكل صحيح.

تماسك المظهر العام للعمل

Princess Mononoke and History | Historical Horizons

مع توضيح أهميّة بصمة الرسّامين ومنشأها نصل إلى نقطة مثيرة للجدل والاهتمام في الوقت ذاته. هل من الجيّد التضحية بالمظهر العام للعمل كاملاً لايصال المشهد كما تمّ تحريكه من الرسّام في كل الأحوال؟ الجواب لهذا بالتّأكيد هو لا لكن مع التّركيز على كلمة “كاملاً”. صناعة الأنمي أدركت هذه المشكلة بالفعل ويوجد دور كامل في عملية إنتاج الأنمي يعمل على إصلاح وتنسيق لقطات الأنيميشن هذه لتتناسب مع تصميم الشخصيّات والمظهر العام. هذا الدّور يُدعى Animation director أو مخرج الرّسوم.

لكن بالرّغم من دور مخرج الرّسوم فأسلوب الرسّام غالباً ما يبقى في لقطته في كثير من الأحيان مع تغييرات بسيطة لتتناسب مع المظهر العام أكثر. يوجد تقدير كبير بين العاملين على الأنمي لأسلوب كُلٍ منهم وعادةً ما يحاول مخرج الرُسوم إبقاء اللقطات كما هي وعدم طمس هويّة الرسّام خلفها.

هذا ما يحدث عادةً ولهذا ستجد أنّ صناعة الأنمي فريدة نسبيّاً مقارنة بغيرها في أنّها تسعى دائماً لرفع هويّة العاملين خلفيها بدون فلترة عملهم أو طمس أسلوبهم خلف اللقطات. لكن هذا لا ينطبق على الجميع وبعض المُخرجين يجدون قيمة أعلى في جعل مظهر العمل العام واحد ومباشر (وهذا لا يعني سعيهم لطمس هوية الرسّامين دائماً بل تفضيلهم لجعل اللقطات متجانسة).

أحد الأمثلة المٌناسبة هٌنا بنظري هو المخرج المشهور هاياو ميازاكي. أفلام ميازاكي معروفة في الغرب حتّى لمن لا يعرف أو يهتم في مجال الأنمي وأحد الأسباب بنظري هو قُربٌها من أسلوب الأنيميشن الغربي القديم مع تقدير واضح للسلاسة والتّعبير واستخدام تصاميم مٌبسّطة وسهلة التّحريك نسبيّاً (مع بعض الاستثناءات).

حتّى لو كنت من المهتم بالساكوغا والأنيميشن الياباني فستجد صعوبة في تحديد رسّامي معظم لقطات أفلام ميازاكي. السبب يعود إلى وضعه لقواعد صارمة في تصحيح اللقطات الدائم ومجانستها إلى أن تصل إلى شكل واحد يمكنك التعرّف عليه منذ بداية الفلم. ستجد هذه النظرة في معظم أفلام ميازاكي فالتّماسك بالنّسبة له يمتلك قيمة أعلى من قدرة كل لقطة على إيصال شعور مختلف وقوي بنظرة رسّامها.

بالطبع في حالة أفلام غيبلي فهذا امتلك نتيجة إيجابيّة على المٌتابعين خصوصا الغير مهتميّن في الأنمي كثقافة وما شابه ولازال يمتلك قدرة التّعبير القويّة الّتي تميّز المجال. إضافةً إلى أنّ ميازاكي مُخرج ممتاز ويستطيع صناعة مظهر عام قوي ومثير للاهتمام لأفلامه فلا تشعر فقدان روح كبير من اللقطات مقابل بعض الأمثلة الأخرى.

تماسك المظهر ضد فرديّة الرسّام

هنا نصل إلى الصراع الأساسي. التّضحية بهويّة الرسّام للحصول على مظهر متجانس يُفقد العديد من المشاهد رُوحها، ولكنّه في الوقت ذاته قد يبني تجانس بصري سار للمتابع ويجذب شريحة أكبر منهم. أين هو الحل؟ بنظري لا يوجد جواب ثابت هنا. أستطيع تفهّم رغبة بعض المتابعين بمشاهد أكثر تجانس وكذلك رغبة البعض في مشاهد أكثر حياة من غيرها. يعود الموضوع إلى العمل نفسه وما يريد فريق العمل بناءه كهويّة له.

على سبيل المثال أنمي سبيس داندي بُني كاملاً على فكرة بسيطة وهي لا محدوديّة فريق العمل فهو يترك كامل حريّة التعبير لمخرج كل حلقة ورسّاميها. هذا مترابط تماماً مع هدفه القصصي لهذا فهو عمل استفاد تماماً من هويّة الرسامين في صناعة أحد أفضل الأنميّات بصريّاً بنظري. الأمر نفسه ينطبق على موب سايكو وكيل لا كيل وغيرهم بدرجة أقل قليلاً وهكذا. في المقابل يمكنك رؤية الأثر الإيجابي كذلك لثبات المظهر في أفلام ميازاكي وما شابهها.

أحد الأمثلة الّتي أريد ذكرها لفكرة أنّ إجبار التجانس على بعض المشاهد قد يطمس هويّة الرسام ويٌفسد المشهد الأصلي هو مشهد لأوهيرا من فلم Lu Over The Wall. الفلم من إخراج المخرج الشهير ماساكي يواسا لكنّه كان يحاول تجريب أدوات جديدة لصناعة فلم وقام هنا باستخدام أداة الفلاش لاعطاء الفلم مظهر نهائي نظيف (وهو شيء يٌعاكس أسلوبه المعتاد). مع أنّي استمتعت في مشاهدة الفلم فالمظهر النّهائي كان فاقد للحياة كثيراً ومن المحبط أنّ مشاهد أوهيرا تم تنظيفها وتصحيحها بشكل حاد جدّاً أفقد اللّقطة كاملة معناها بنظري:

اللقطة الأخيرة
كي أنيميشن أوهيرا قبل و بعد

يمكنك ملاحظة اختفاء التّعبير تماماً مع كل مرحلة تصحيح حتّى تصل إلى الشّكل النّهائي الممل كثيراً. الكثير من لقطات الفلم عانت من مشاكل مشابهة جعلته مَنسي كثيراً بالنّسبة لي فكل لقطة تمتلك أنيميشن لكنّها تفتقد لجانب يولّد المشاعر عند المُتابع، وهذا بنظري مترابط تماماً مع أسلوب الرسّام المختفي هنا. على سبيل المثال لنقارن مع أعمال يواسا السّابقة. هذه لقطة من أنمي Kemonozume ليواسا كذلك والّذي كان العكس الكامل تقريباً مع استعراضه لمهارات الرسّامين والمخرجين بشكل منفصل في كل حلقة. الأنمي كان رحلة مميّزة فعلاً لهذا السّبب:

من تحريك Michio Mihara

مثال آخر لكيف قد يُفسد المظهر النّهائي عمل رسّام الأنيميشن ذكرته في نهاية مقطع عدسة كاواي عن ون بنش مان. هذا المثال ناجم عن سوء إخراج وقرارات أخرى أفسدت معظم لقطات الرسّامين في النّهاية وهو مثال آخر لحالات يُمكن أن يستفيد العمل منها من أسلوب رسّامه بشكل مباشر:

ضرورة عمل تنازلات في بعض المشاهد

النقطة الأخيرة الّتي أود ذكرها هي ضرورة التنازلات أحياناً. في النّهاية من الصّعب كثيراً تحديد ما هو الأكثر أهميّة والّذي سيصنع مشهداً أفضل من غيره. لا يمكنك دائماً الحصول على فوائد كلا النظرتين فعليك صناعة قرار معيّن. قد تحتاج إلى التضحية بتجانس العمل لصناعة لقطات تنقل مشاعر أقوى وتبقى بالذاكرة أو قد تحتاج للقيام بالعكس لتُبقي على اهتمام المتابع. مثال جيّد هٌنا هو قتال باين وناروتو.

تكلّمت سابقاً بشكلٍ مفصّل عن جودة هذا القتال البصريّة في مقطع فيديو:

هدف المقطع كان شرح أنّ الأنيميشن هنا ليس “سيّء” بمعنى “رخيص” وبالنسبة لي لازلت أرى أنّ هذا القتال ممتاز مع أنّه قام بتنازلات كثيرة. الحلقة ضحّت بالمظهر العام المُعتاد لناروتو لتنقل شعور السوائل والحركة السريعة بشكل فريد من نوعه جعل مشاهدها الأكثر حيويّة في السلسلة بنظري والأفضل في نقل شٌعور قتال من هذا النّوع. بالطبع أستطيع تفهّم أنّ البعض لا يزال يرغب بمظهر أكثر اعتياديّة ويقدّر التماسك أكثر لكن يجب ذكر أنّ النتيجة ستكون أقل حياة وأقرب للحلقات المملّة وستكون مَنسيّة بسرعة كبيرة. فالأمر يمتلك مضار وفوائد على كلا الجانبين ويبقى الأمر لك كمشاهد لتقرر ما تُقدّره أكثر.

يمكنك كذلك النّظر لمثال آخر يُظهر التّضحية بأسلوب الرسّام بشكل يمكنك القول أنّه إيجابي بنظري. فلم ميازاكي الأخير The Wind Rises يُظهر رسّام الأنيميشن السّريالي أوهيرا (المذكور في الأعلى) مع أحد لقطاته المُصححة بشكل جزئي لكن قوي كذلك. كثير من الخطوط الممحيّة من فريماته الأصليّة لتجعل اللقطة أكثر تناسُباً مع المظهر العام للفلم والّذي في حالة ميازاكي مظهر يلتصق بالفلم من بدايته لنهايته. يمكنك ملاحظة القليل من التفاصيل الإضافيّة هُنا مُقارنة باللقّطات الأخرى لكن تحديد أنّها من الرسّام أوهيرا ليس بتلك السّهولة كما لقطته في سبيس داندي ولا تمتلك اللّقطة أيّة لعب بالمنظور:

اللقطة النهائيّة، لاحظ آخر 20 ثانية

في هذه الحالة (كما حالة ناروتو في الأعلى) يوجد مساحة كذلك للنقاش في كون اللقطة تُصوّر حُلماً واعياً وبالتّالي لا بأس بعدم التصحيح وترك التفاصيل كاملة من الفريمات الأصليّة، هذا سَيُساعد على إيصال الشّعور المطلوب بشكل أفضل بكثير. لكن بالنسبة لي أقدّر النتيجة الأخيرة الّتي لن تُخرجي متابعي الفلم في السينما من الأجواء والّتي بالرّغم من كل شيء لاتزال لقطة مُذهلة لا يمكن إنجازها سوى من رسّامين مثل أوهيرا.

هنا نصل إلى نهاية المقال. لا يمكنني إنكار أنّني أميل لأعمال تستعرض هويّة رسّاميها بدون خجل وفي النّهاية قد تكون هذه أكثر النّقاط تفرّداً في الأنيميشن الياباني والّذي بدأ الغرب يقلّدها حتّى (في كاسلفينيا على سبيل المثال). أرى أنّ كلا الطرفين يمتلك نقاطاً قويّة لأهميّة ما يُقدّره في هذا الصراع لذلك رغبت في استعراضها في هذا المقال. أعطينا رأيك في المقال وما تٌفضّله أكثر في الأنيميشن ولا تنسى مشاركة المقال مع أصدقائك. شكراً لمروركم ومع السلامة.

ترغب باستلام اشعار عندما ننشر مقالاً جديداً؟

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.