بعد مرور سنتين من كتابتي لمقال معرض الأنيميشن 2018 نعود مرّة أخرى لإلقاء نظرة على أفضل ما قدّمته سنة 2020 من ناحية الأنيميشن والساكوغا في الأنميّات الشرقيّة. هذه المرّة سأتوسّع من دائرة الأنميّات اليابانيّة لتغطية الأنميّات الصينيّة والكوريّة كذلك. نعم إن كان هُناك علامة تميّز تغيّر الصناعة هذه السنة -كما قامت نتفليكس في سنة 2018- فهي دخول العديد من الفنّانين الصينيين والكوريين على الخط ومحاولات جدّيّة لاقتباس المانهوا الكوريّة.
كالعادة يجب عليّ التّذكير: هذه قائمة شخصيّة وغير مرتّبة. هدفها استعراض ما احببته شخصيّاً في المجال وسيختلف هذا بين الشّخص والآخر. كذلك أكره التّركيز على الجانب التّقني بشكلٍ بحت كما ذكرت في مقال سنة 2018 وسيكون هناك تركيز على الأسلوب والهدف، ليس كثافة الحركة فقط. على سبيل المثال، بينما يمتلك أنمي Fate: Grand Order العديد من المشاهد الممتازة تقنياً أجد أنّ النتيجة النهائيّة غير جذّاب وسيئة بعض الشّيء بسبب طريقة توظيف الكاميرا الديناميكية، الخلفيّات وتصميم الشخصيّات. لذلك لن أقوم بذكره في المقال بحكم أنني لم أستطع إكمال مُشاهدته ولم تعجبني لقطاته.
يوتاكا ناكامورا والسفن الفضائيّة: ميم جديد في التحريك
إذا كنت متابعاً لمقالاتي عن الأنيميشن فمن الواضح أنني معجب كبير بأعمال الرسّام يوتاكا ناكامورا. من عمله القديم الّذي يركّز على الكوريوغرافي إلى لقطاته الجديدة الّتي تتبع أساليب مبتكرة في التعامل مع المؤثّرات والـ StoryboardsStoryboarding لوحة القصّة – Storyboarding هي خطوة أساسيّة في صناعة الأفلام تُشير إلى رسومات في لوحة متسلسلة مع ملاحظات مهمّة. عادة ما يقوم المخرج بصناعة لوحة القصّة ولكن من الممكن تواجد فنّاني Storyboarding متخصصين في الفريق كذلك. مثال. ، كلها تستحق الذّكر ولم تكن هذه السّنة قليلة بلقطاته خصوصاً على عمله الرئيسي My Hero Academia.
لعلّ أبرز ما قام به هذه السّنة هي لقطة بسيطة من الحلقة الأخيرة من الموسم الرّابع لـ My Hero Academia:
لقطة مبهرة مع حركة الكاميرا المعاكسة لزاوية الشخصيّة. شيء يتطلّب دراسة طويلة للمنظور للوصول لهذه النّتيجة. لكن يتبع اللقطة هروب اينديفور من قبضة العدو عن طريق حركة دوران سريع. ناكامورا قام بتصوير هذا الدوران عن طريق مظهر سفينة فضائيّة (UFO):
طريقة مبتكرة ومضحكة وسهلة النسخ لمحاكاة هذا الأسلوب في الحركة. ما نتج بعد هذا هو تحوّل اللقطة إلى ما يشابه الـ “ميم” أو حتّى أسلوب كامل في التّحريك. رأينا هذه السّنة عدّة لقطات مشابهة لها حتّى من ناكامورا نفسه. بعضها:
ويبدو أنّ ناكامورا لايزال يخطط لاستخدامها في لقطاته القادمة. كما ذكرت سابقاً الابتكار هو جزء لا يتجزّأ من مسيرة ناكامورا ويبدو أنّ هذا لن يتوقّف قريباً.
الأنميّات الصينيّة وأنيميشن الحبر
الأنميّات الصينيّة تعتبر شيء نادر في صناعة الأنمي. كنّا نحصل على أنمي صيني واحد يحصل على شهرة بسيطة كل عدّة سنوات. لكنّ السنتان الماضيتان شهِدَتا نمو ملحوظ في عدد الأنميّات الصينيّة مع عناوين مثل Mo Dao Zu Shi و Tian Guan Ci Fu و Scissor Seven الّتي حصلت على قبول نقدي جيّد جدّاً من المتابعين. مع دخول أنميّات من ثقافة أخرى (الصين بالذّات) على الخط ستلاحظ أساليب تحريك فريدة لهذه الثّقافة تظهر كذلك، أجملها بنظري كان Ink Wash Animation أو الأنيميشن الحبري.
تجارب العمل مع الأنيميشن الحبري لم تكن موجودة فقط في الأنيميشن الصّيني هذه السّنة بل كذلك الياباني. الرسّام Toshiyuki Sato أبدى اهتماماً واضحاً بهذا النّوع من الأنيميشن في لقطاته وأضافها في عمله على The god of high school و Jujutsu Kaisen:
لكن بنظري لا زالت هذه اللقطات لا تضاهي روعة المقاطع الّتي ستجدها في بعض الأنيميشن الصيني. أجملها بنظري هي لقطة من أنمي صيني مذهل من هذه السّنة يُدعى Fog Hill of Five Elements. هذا الأنمي كان من صنع 6 أشخاص فقط في فريق بسيط لكنّه احتوى على أحد أفضل مشاهد السّنة. اللقطة المذكورة:
بغض النّظر عن الحبر شديدة الجماليّة في اللقطة فاستخدام الـ MorphingMorphing التحوّل – Morphing تُشير إلى تغيّر شكل جسم/شيء ما من شكل معيّن إلى آخر مع إظهار الخطوات الّتي تحدث بينها. مثل تحوّل شكل جسم بشري إلى حيوان مع إظهار طريقة التحوّل. للتنقّل بين الشخصيّات من زوايا فريدة واستخدام بقايا الحبر كردود فعل (عرق) لحركة الشخصيّة رفع من مستوى اللقطة كثيراً. في الواقع يمتلك هذا الأنمي العديد من اللقطات الممتازة وأنصح بمشاهدته إن لم تسمع به سابقاً.
كايشيرو واتانابي وقوّة القتال اليدوي
Keiichiro Watanabe هو من أقوى الرسّامين الّذين لمع اسمهم في ساكوغا العقد الماضي. بدء واتانابي عمله كرسّام كي أنيميشن على Space Dandy ومع الوقت بدأت موهبته تتّضح شيئاً فشيئاً. يمكنني تقسيم لقطات واتانابي إلى نوعين: المؤثّرات والقتال اليدوي. من جهة المؤثّرات يصعب عليّ وصف عمله إذ أنّه ليس كأي شيء مرّ عليّ سابقاً. تدمج مؤثّراته الـ Morphing السلس جدّاً وينشأ شكل الشخصيّة من طبقات المؤثّرات فقط وليس خطوط خارجيّة تعطيها شكلها. هذا يعطي مؤثّراته شعور خاص لن تجده في أي مكان آخر. لعلّ أفضل ما يشرحها هو أحد لقطاته من موب سايكو 100:
لاحظ تشكّل شخصيّة موب من طبقات المؤثّرات المتحرّك بدون أي خطوط خارجيّة:
هذا أسلوب خاص به (على الأرجح أنّه يستخدم برنامج ما ليحاكي هذه السلاسة) ويستطيع محاكاة مشاعر رعب وحجم هائلة! لذلك كانت لقطته هذه السّنة من أنمي The God of high school ممتازة جدّاً في إظهار قوّة غامضة من أحد الشخصيّات:
لكنّ الجانب الآخر من لقطاته، القتال اليدوي، هو حيث لمع واتانابي هذه السّنة بدون شك. عمل واتانابي على أنمي Jujutsu Kaisen (الّذي سنتكلّم عنه بعد قليل) وقام بعدّة لقطات بعضها الممتاز وبعضها المقبول. لكن لقطتي المفضّلة له هي من The God of high school كذلك في القتال اليدوي من الحلقة الثّانية:
هذه كانت أحد أفضل الكوريوغرافي لقتال يدوي شاهدتها على الإطلاق. شعور الحركة مع التّوقيت الفريد من نوعه وزوايا الكاميرا تعمل بشكل عظيم سويّة. قمت بتحليلٍ مفصّل لها على تويتر إذا مهتمّاً بتفاصيلٍ أكثر.
هيرونوري تاناكا وبناء الرعب والدمويّة بالتفاصيل
جوجوتسو كايسن هو مشروع أنمي محظوظ بشكلٍ كبير. مع حصوله على فريق عمل قوي ومشاركة العديد من الفريلانسرز في الأنيميشن، تصاميم شخصيّات قويّة ونقل جيّد جدّاً لشعور الرّعب والدمويّة في الجانب المرئي كذلك. قد يعيبه الخلفيّات وبعض جوانب المؤثّرات لكنّه بالمجمل مشروع قوي ينجح بإيصال الأجواء الّتي يسعى لبنائها بدون فشل.
لكنّ السؤال الّذي يطرح نفسه هنا هو كيف نستطيع الوصول إلى مرحلة أعلى من الجودة وإيصال مشاعر الدمويّة والمعاناة بشكلٍ أقوى. الجواب هو الرسّام والمخرج Hironori Tanka. تاناكا أحد أقدم الرسّامين في الصناعة ومن النخبة الّذي عمل على مئات لقطات الساكوغا الفريدة من نوعها في مختلف المجالات. مؤخّراً بدأ تاناكا بأخذ دور مخرج الرّسوم ومخرج الحلقة ورسّام الستوريبورد في عدّة أنميّات. أبرزها بلا شك هو عمله كمخرج رسوم على الحلقة 27 من Jojo’s bizarre adventure: Golden Wind (والّتي أعتبرها شخصيّاً الحلقة الأفضل إنتاجيّاً في السلسلة كاملة). يُظهر تاناكا أسلوباً خاصّاً في تصوير دموية الموقف وشدّته عن طريق تركيزه على التفاصيل الغير مريحة في الجّسم البشري. كذلك يعمد تاناكا إلى التّقريب للوجه مع ظلال كثيفة وتركيزه على شكل اليدين والأصابع. المدهش هو عدم وجود أي إطار فيها off-modelOff-model خارج الشكل – Off-Model تُشير إلى إطار ثابت يُخطئ في نقل ملامح الشخصيّة فتظهر خارج شكلها المعتاد بطريقة غير مقصودة. بل تعمل جميعها بشكل عظيم في نقل هذه الأجواء:
جدير بالذّكر كذلك أنّ حُسن اختياره مع محتوى الحلقة لعبَ دوراً إيجابيّاً. إذ تصوّر حلقة جوجو هذه أحد أكثر القدرات الدمويّة المقرفة في السلسلة كاملة وهي قدرة إظهار قطع معدنيّة داخل الجسم البشري لتقطيعه إرباً بسرعة كبيرة.
لذلك كان من المدهش عودة تاناكا بدورٍ أكبر من حلقة جوجو حتّى إلى مشروع مناسب جدّاً لأسلوبه في أحد الحلقات الّتي تركّز على ميزّاته (تصوير اليدين). الحلقة 13 من جوجوتسو كايسن كانت مذهلة من العديد من النّواحي وهي بلا شك أحد أفضل حلقات السّنة كاملة إنتاجيّاً لهذا السبب:
عن طريق التّركيز على تفاصيل جسم الشّخصيّة والعضلات، خصوصاً في أماكن الإصابة، يستطيع نقل شعور المعاناة بشدّة هائلة. هذا لا يتوقّف فقط على الصور الثّابتة بل كذلك عمله على الحركة البطيئة لبعض المشاهد مثل هذا في تصوير العدو مع قدرته على تغيير شكل جسمه على أنّه كتلة لحم وأحشاء تزحف في المجاري.
تريغر، السي جي والأسلوب المثلّثي
استديو تريغر معروف بالعديد من الصفّات الّتي تميّزه في صناعة الأنمي، المبالغة الكتابة والبصريّة، أسلوب التحريك المبسّط الممتع، الميكا في الفضاء .. ألخ. أحد هذه الصّفات كانت لفترة معيّنة هي كونهم الاستديو الوحيد الّذي لا يمانع صناعة أنمي ميكا كامل وتحريكه يدويّاً بدل استخدام السي جي. لذلك كان من المفاجئة إعلانهم عن أنميين SSSS.Gridman و Promare مع استخدام السي جي بشكل أساسي.
لم يكن غريدمان الأنمي الموعود للأسف في صناعة شيء قد يتفوّق على الرّسم اليدوي، حتّى أنّهم رسموا القتال الأخير كاملاً بشكلٍ يدوي ليكون ختام السلسلة وهو دليل على استخدام السي جي لتوفير الوقت والمال المطلوب. لكن مشروع برومير كان مختلف بشكلٍ كبير. في البداية هذا فلم، لذلك فهو يمتلك مصادر أكثر ووقت أطول للعمل عليه. كذلك من الواضح أنّ هذا الخيار كان خياراً فنّياً لصناعة مظهر جديد وليس لتوفير المال. لماذا تمّ اختيار السّي جي إذاً؟
فلم برومير يعتبر تجربة في وسط الأنمي يُحاول صناعة أسلوب بصري فريد ولافت للنّظر يدمج السي جي والرسم اليدوي. الفلم نتج عن تعاون بين استديو تريغر واستديو XFLAG المتخصص في السي جي بعمله على عدّة ألعاب سابقاً. كذلك فالفلم مصمم تماماً حول هذه الفكرة، سواءً استخدام الألوان الفاقعة بشكلٍ أساسي ودائم خلال الفلم إلى بناء أشكال المؤثرات، الأبنية والشخصيّات كاملة حول فكرة الـ Polygons أو المضلّعات وهي أساس التصاميم ثلاثيّة الأبعاد:
هذا ما جعل دمج المجالين مناسب جدّاً وأنتج لقطات مبهرة لا تسبب نشازاً بصريّاً بل تعمل سويّة لتحسين المظهر. يمكنك القول أنّ في هذه الحال، الفلم صُنع حول طريقة عمل السي جي في الأنمي والرسّامين حاولوا مجاراة هذا الأسلوب وليس العكس كما يحصل عادة عند استخدام السّي جي لتوفير المال ومحاولة دمجه مع المظهر ثنائي الأبعاد.
قوّة الرسّام المستقل في فلم On-Gaku
المشاريع المستقّلة الطويلة في صناعة الأنيميشن نادرة، فمن الصعب كثيراً صناعة فلم كامل (يتجاوز الساعة) بشكل شخصي والحصول على نتيجة ذات جودة عالية. أونغاكو يتجاوز هذا، إذ أنّه مشروع شغف للمخرج كينجي ايواساوا استغرق في صناعته لوحده 7 سنين متواصلة.
ما يجعل هذا الفلم ممتازاً هو أنّ طريقة صناعته تنتقل تماماً مع رسائله إلى المتابع بصريّاً. حقيقة أنّ الفلم مُستقل أعطت كينجي حريّة كبيرة في طريقة التّعبير عن أفكار الفلم وبطرق لن تجدها في أفلام أخرى. قد تجد مشهد صامت لمدّة تتجاوز 30 ثانية لإيصال نكتة ما أو استخدام الإطارات المفتاحيّة ضمن اللقطة النّهائيّة لهدف فنّي في إيصال شدّة الموقف وارتجاليّته. يوجد تركيز هائل من المخرج على جعل كل مشاهد الفلم فريدة وتعبيريّة بشكل أساسي ولا يوجد تردد لتحقيق هذا بأي أسلوب كان.
كذلك يستخدم كينجي تقنيّة الروتوسكوب في صناعة الكثير من اللقطات الحركيّة من الفلم. هذا ما جعل صناعة فلم أنيميشن طويل من شخص واحد ممكن. لكنّه عمل كثيراً على مناسبة هذا مع الفلم وجعله جزءاً من هويّته. النتيجة هي مشاهد أداءات موسيقيّة مذهلة ومعقّدة المنظور تنتقل بشكل كثيف بين العديد من أساليب معالجة الألوان وإظهار الشّخصيّات بناءً على المشاعر والموسيقى في الموقف نفسه! هذه هي قوّة الأنيميشن المستقل والّتي أتمنّى رؤية مشاريع أكثر مثلها في المستقبل.
كينيتشي كونيشي ونقل الأسلوب السكيتشي المعقّد إلى الشاشة الكبيرة
عندما تحاول اقتباس مانغا معيّنة، أحد أكبر الصعوبات الّتي ستواجهك هي كيفيّة نقل الأرت ستايل في المانغا إلى الأنمي. بالطّبع تستطيع تغيير الأرت ستايل كاملاً إلى مظهر مختلف قد يتناسب مع الأنمي أكثر وهي الخطوة الصحيحة في أغلب الأحيان. لكن ما ستخاطر به هو الخروج بمظهر أقل جاذبيّة وجماليّة من المصدر الّذي تقتبس منه. عندما تقتبس عمل ما فأنت تنافس المصدر حتّى في النّتيجة.
المظهر السكيتشي يعتمد على إضافة كمية كثيفة من الخطوط في تدفّق معيّن أو بشكل عشوائي لتصوير الظلال وهو يساهم في نقل شعور المشهد. ينتج عنه مظهر جذّاب وصعب تحقيقه حتّى بالنّسبة للمانغا الّتي لا تتحرّك. لذلك نقله إلى الأنمي يكون عادةً مستحيل تماماً فالنّتيجة هي تنظيف المشاهد بشكل هائل لتسهيل تحريكها.
ما ستفقده بتنظيف هذه المشاهد أو تخفيفها بدون وجود تعويض في مجال آخر هو تجربة بصريّة أسوء للمتابع من المصدر (وهو ما حصل مع اقتباس دوروهيدورو بنظري). لكنّ اقتباس مانغا Children of The Sea لم يقم بهذا على الإطلاق. بل قام ببناء أرت ستايل على أسلوب المانغا السكيتشي جدّاً وقام بتحريكه حتّى. ما نتج عن هذا هو تجربة وحيدة في العقد مع أحد أجمل أفلام الأنمي الّتي ستمر عليك على الإطلاق. السبب وراء هذا بنظري هو عمل مصمم الشخصيّات ومخرج الرّسوم Kenichi Konishi.
وهذه ليست فقط صور ثابتة موزّعة داخل الفلم بل مظهر يدوم خلال المشاهدة وفي لقطات الساكوغا كذلك. معظمها يعود إلى تصاميم كينيتشي المعقّدة وتصحيحاته الدائمة للقّطات كمخرج رسوم.
شوو سوغيتا وقيمة المؤثّرات
قد تكون المؤثّرات أحد أكثر الجوانب الّتي يتم تجاهلها عند النّظر إلى الأنيميشن. الأجساد المتحرّكة بسرعة عالية واضحة لكن طريقة تصوير النّار، الماء، الضباب وغيرها قد لا يكون بنفس الوضوح. الكثير من المشاريع تتعامل مع هذا الجّانب باستخدام مؤثّرات StockStock قطعة يُعاد استخدامها – Stock تُشير إلى قطعة فنيّة ما (مشهد، عنصر ثلاثي الأبعاد..ألخ) يتم بيعُها وإعادة استخدمها في مشاريع أخرى. لا تناسب مظهر المشروع فتؤثّر سلباً بشكلٍ هائل على العمل كاملاً (مثال: Dragon Quest 2020).
لذلك لطالما احترمت الرسّامين الّذين يختصّون بهذا الجّانب. أحدهم هو الرسّام Shuu Sugita الّذي يعتبر رسّام ممتاز حتّى للقتال اليدوي لكن مؤثّرات هي الّتي تلمع بين لقطاته بشكلٍ واضح. حصلنا هذه السّنة على الكثير من اللقطات من سلاسل مختلفة وأنواع مؤثّرات مختلفة من عمله. سوغيتا يغيّر طريقة تصويره للمؤثّرات بناءً على اللقطة والسلسلة نفسها. على سبيل المثال لقطته المفضّلة لي وأحد أفضل لقطات السّنة بنظري هي من الحلقة الأخيرة من من الموسم الرّابع لـ My Hero Academia:
يصوّر سوغيتا اينديفور من اللهب المتناثر حوله ويتخلّى عن الخطوط الخارجيّة ليصنع لقطة تركّز على شدّة الموقف مع مؤثّرات لهب يدويّة بقمّة الجمال. لكن في المقابل تصويره للنار في كونوسوبا يركّز أكثر على إظهارها بشكل تخيّلي بدمجها مع نجوم ورعد مع تناثر الشرارة. وهو تصوّر مناسب أكثر لطبيعة السلسلة الطريفة:
ولعلّ أحد أفضل لقطاته هي الّتي يقوم بها بدمج مهاراته في المؤثّرات مع القتال اليدوي واللعب بالمنظور. أجملها هذه السّنة كان من فلم Made in Abyss Movie 3 بتصويره لقتال يدوي بين شخصيّتين تطيران مع تنقّل سريع بالمنظور بدون قطع للمشهد وتصويره لـ ليزر وقطرات الماء النّاتجة عن انصهار الثّلج وهي تلتصق بوجه الشخصيّات المتحرّكة بسرعة نحو الأعلى:
قوّة التّمثيل ولغة الجسد في Yesterday Wo Utatte
توجد فكرة شائعة عند متابعي الأنمي عن أنّ صناعة عمل حياة يوميّة يتطلّب جهداً ووقتاً أقل بحكم قلّة المشاهد الحركيّة فيه. هذه الفكرة تعتبر صحيحة عندما تنظر لجهة الأعمال متواضعة الإنتاج وتقارنها فسيكون أنمي الحياة اليومية الـ “رخيص” قابل للمشاهدة أكثر من أنمي الأكشن الـ “رخيص”. لكن هذا لا يعني عدم وجود قدرة دائماً على رفع المستوى الإنتاجي في أنميّات الحياة اليوميّة. هذا ما قام به أنمي Yesterday Wo Utatte.
أنمي Yesterday Wo Utatte يصوّر حياة بشر طبيعيين في حياتهم اليوميّة ونزاعاتهم الشخصيّة. كذلك فهو لا يقوم بالكثير من الإسقاطات أو المشاهد السرياليّة ليُظهر مشاعر الشخصيّات بل يعاملها كدراما بالغة نسبيّاً. ما يقوم به هذا الأنمي بشكل مميز هو لغة الجسد والـ Character ActingCharacter Acting تمثيل الشخصيّات - Character Acting في الأنيميشن يعني أسلوب حركة الشخصيّة التعبيري ضمن مشهد ما. قد يُشير هذا إلى تعابير الوجه أو حركة الأطراف بطريقة تعبيرية. القوي جدّاً، خصوصاً في الحلقة الأولى.
يمكنك ملاحظة التفاصيل الدقيقة في سرعة أرجحة اليدين المستمرّة والجسم الحيوي بدون مبالغات بصريّة لتناسب طبيعة الأنمي والدراما الناضجة به (بغض النظر عن جودة الأنمي النهائيّة المحبطة). هذه اللقطة ليست روتوسكوب أو ما شابه بل تحريك يدوي تقليدي كثيف يجعل تفاعل الشخصيّات حي وينقل مشاعرهم في اللحظة بدون التضحية بتماسك المظهر العام أو مشاكل إطارات الروتوسكوب.
قبل الانتهاء أريد لفت الانتباه لعمل الرسّام Takuya Niinuma الجديد على السّاحة كذلك على عمله الممتاز في هذا الأنمي. الحلقة الأولى امتلكت حوالِ الـ 4 دقائق كاملة من عمله لوحده مع تمثيل شخصيّات قوي جدّاً وهادئ. يصعب التّصديق أنّه رسّام جديد!
أفضل أنيميتور جديد: تاكيرو شينوزوكا
سأتكلّم في هذه الفقرة عن أكثر رسّام جديد لفت انتباهي هذه السّنة. قد لا تمتلك لقطاته ذات الجّودة مقارنة باللقطات السّابقة لكنّها تستحق الذّكر وأتطلّع إلى لقطاته القادمة.
خلال متابعتي لأنميّات من إنتاج توي أنيميشن هذه السّنة لاحظت اختلاف كبير في طريقة تعاملهم مع الأنمي مقارنة بالسّنوات السّابقة مع تحسّن ملحوظ في سلاسلهم التلفزيونيّة. يعود هذا إلى عمليّة تنظيم وتحسين جداول الاستديو الّتي بدأت من عام 2018. هذا ما جعل اكتشاف رسّامي الاستديو ممتعاً بالنّسبة لي ورؤية لقطات جديدة من أفضل رسّامي الاستديو مثل Ryo Onishi و Notoshi Shida كان منعش فعلاً.
لكن ما لفت انتباهي كذلك هو الرسّامين الجدد وكيف أنّ لقطاتهم تضاهي أعمال المذكورين سابقاً! من أريد التكلّم عنه هو Takeru Shinozuka رسّام أنيميشن قتالي يعمل بشكل أساسي على أنمي Digimon 2020. ما لفت انتباهي في لقطاته هو أنّه يعمد لاستخدام زوايا بعيدة يظهر بها جسد الشخصيّة كاملة مع زوايا كاميرا حيويّة جدّاً لكن كذلك انتباه اساسي على عدم جعل اللقطة غير مفهومة. الوضوح هو كلمة السر هنا ولقطاته تركّز على هذا الجّانب بالتأكيد:
كذلك لديه بعض اللقطات التجريبيّة في تحريك الخلفيّات. أفضلها هذه اللقطة:
لقطات ممتازة مع حيويّة عالية تحافظ على ديناميكيّة المشهد مع عدم المبالغة في حركة الكاميرا البهلوانيّة هو شيء افتقدته قليلاً وهو ما يوفّره هذا الرسّام بالنّسبة لي. بانتظار لقطاته القادمة!
هكذا نصل إلى نهاية المعرض لهذه السّنة. في الواقع يوجد العديد من الأعمال والرسّامين وغيرهم ممّن وددت التكلّم عنهم لكن أريد جعل المقال متنوع بما فيه الكفاية مع تقليل التكرار وشرح مفصّل لخلفيّة كل نقطة ولماذا تستحق تسليط الضّوء عليها هذه السّنة. ما هي أفضل مقاطع الأنيميشن الّتي أعجبتكم في سنة 2020؟ ضع اختياراتك في التعليقات. شكراً لمروركم ومع السلامة.
مقال ممتع
يعطيك الف عافية