“مانجا الفانتازيا الأفضل في العالم” هذا هو العنوان الذي تضعه شركة Dark Horse على الصفحات الأولى من نسخها الإنجليزية من مانجا “بيرزرك”، لكن هل تقف هذه المانجا في موقع يسمح لها بحمل مثل هذا اللقب؟ وهل تستحق الشهرة الكبيرة التي تملكها حتى لدى الناس الذين لا يقرأون المانجا ولا يشاهدون الأنمي بشكل منتظم؟
الجواب: نعم! عادة يمنحك كتّاب مقالات الأنمي أو المانجا هذه الاستنتاجات في نهاية المراجعة بعد عرض ميزات وسلبيات الأنمي أو المانجا المعروضة، لكن سأخبرك من الآن أن “بيرزرك” هي تجربة فنية وقصصية رائعة، وتستحق كل دقيقة من وقتك، لذلك سأطلب منك بعد قراءة هذا المقال أن تتوجه للبدء بقراءة “بيرزرك” فوراً.
كي لا أظهر كـ “فان بوي” أكثر مما أنا في الواقع ولأني لا أريد أن أطيل المقال أكثر مما يحتمل، سأذكر تالياً المحاور الرئيسية في مانجا “بيرزرك” والخلاصة التي خرجت بها بعد قراءتها لفترة طويلة ومتكررة.
قصة المانجا تبدأ بتواتر سريع وواقع مبهم بعض الشيء، بيئة شبيهة بالعصور الوسطى، عنف، دموية، بطل “Badass” يدعو نفسه “السياف الأسود” ويحطم الرؤوس والأشياء، القصة تسير بسرعة خاطفة والرجل لديه دافع لا نعلمه، ملك على شكل تنين ممسوخ، ورجل قصير مشوه وبيضة ذات وجه قبيح يسيل منه الدم! وشم في رقبة بطل القصة وأرواح ملعونة تلاحقه.
نعم بداية “بيرزرك” تكون صادمة للبعض وغير مفهومة البتة لكنها أبعد ما تكون عن الملل، “كيف وصلت الأمور لهذا السوء!” هذا هو الهاجس الأكبر الذي سينتابك في البداية، لكن لا تقلق الأمر سيصبح أوضح فأوضح تدريجياً.
“غاتس” بطل القصة هو سياف سابق ومقاتل عنيف لديه لعنة على شكل وشم في رقبته وملاحق من الأرواح الشريرة التي تريد التهام جسده وروحه، القصة تبدأ بواقع سوداوي مليء بالعنف والقتل والدم، لكنها في لحظة واحدة تعود باستخدام “الفلاش باك” لتمنحنا قصة مفصلة عن “غاتس” والشخصيات الأخرى في واحد من أطول “الأركات” في المانجا اليابانية وربما الأفضل في “بيرزرك” على الإطلاق.
قصة بيرزرك ليست مجرد فانتازيا عادية تطرح قصة ضمن العوالم الثلاث “البشر والجن والكائنات الممسوخة” وتزيد عليها بعض العنف لوجود من يحب هذا المحتوى، القصة في بيرزرك تسير ضمن مسار واضح ومعروف لدى الكاتب منذ البداية، مليئة بالتحولات في حبكة القصة، ورغم أن مشاهدة الكثير من الأنمي وقراءة المانجا تمنحك القدرة على التنبؤ بالانعطافات التي ستتخذها القصص في بعض الأحيان، لكن القصة في “بيرزرك” قادرة على خلق المفاجأة حتى لدى أصحاب الخبرة، وكل من قرأ “بيرزرك” يعلم عن أي (انعطاف) في القصة أتحدث!
حبكة المانغا متماسكة جداً بالنسبة للأركات التي اختتمت قصصها بالفعل، لا يوجد فجوات واضحة في أي من الأحداث أو التسلسل الخاص بها، بالطبع لا يمكن إصدار حكم نهائي من الناحية القصصية على مانجا غير مكتملة حتى الآن، لكنها طويلة بما يكفي لمعرفة الامتياز الكبير الذي تملكه من الناحية القصصية.
الكثير من الـ “فان بويز” بين محبي “بيرزرك” قادرون على تحويل نظر من يرغب بقراءة هذه المانجا عن كل شيء والتركيز على جودة الرسم الرائعة التي يملكها “كينتارو ميورا” المانجاكا المميز وعراب “بيرزرك” وهذا يؤدي بشكل كبير إلى تهميش العمل الكبير الذي قدمه ميورا على مدى سنوات في قصة وشخصيات المانغا.
الشخصيات في هذه المانجا هي ابنة البيئة الزمانية والمكانية التي تعيش فيها، كل شخصية تملك صفاتها الخاصة التي لا تشبه غيرها، كل منها تملك قصصها الخاصة التي لا يمكن عرضها كلها، وكل واحدة من تلك الشخصيات ستنال الأحداث والفترة الزمنية الكافية لتتطور بشكل كبير وتغير من أفكارها وتصرفاتها بشكل قادر على تغيير موقفك ومشاعرك تجاه مختلف الشخصيات بشكل جذري، أرك العصر الذهبي “Golden Age Arc” وأرك الإيمان “Conviction Arc” هما أبرز الأمثلة على العمل الكبير لميورا في تطوير شخصياته بشكل ممتاز، وأرجو أن تذكر هذا المقال أثناء قراءتك لهما!
هنا سأتحول إلى طور الـ “فان بوي” بشكل كامل، لأن ميورا ببساطة شديدة هو واحد من أفضل إن لم يكن الأفضل في عالم المانجا حينما يتعلق الأمر بالرسم، ففي كثير من اللحظات أثناء قراءة المانجا كنت أتوقف للتمعن في تفاصيل مشهد قتالي ما، أو لرؤية الجمال الذي يستطيع ميورا خلقه في وجوه الشخصيات الأنثوية تحديداً.
مشاعر الخوف، القلق، السعادة، الأمل، الحب والحقد جميعها واضحة كالشمس في تفاصيل الرسم التي يقدمها ميورا، بعض الأجزاء من المانجا تستحق وبدون أي مبالغة أن تستعمل صفحاتها كأعمال فنية بحد ذاتها، بالنسبة لي فإن أبرز الأمثلة على جودة الرسم في بيرزرك هي أرك “Lost Children” حيث يجبرك ميورا على تقدير الجمالية داخل مشاهد العنف الدموي في هذا الأرك، وجزء “City of Men” الذي تشعر فيه وكأن الرسوم تتحرك أمامك لدقة وروعة التفاصيل المقدمة فيها.
بعيداً عن الإزعاج المتكرر الذي يسببه الـ “فان بويز” أمثالي على منصات محبي الأنمي والمانجا، وبعيداً عن التوقفات التي دمرت جزءاً كبيراً من شعبية “بيرزرك” على المستوى العالمي، لكن مانجا مثل هذه تستحق بكل جدارة التقدير الكبير الذي تناله من مجتمع الأنمي والمانجا في العالم، وتستحق بالتأكيد منك أنت فرصة البدء بها وقراءة “مانجا الفانتازيا الأفضل في العالم”! والتي أرجو أن تكون تجربة رائعة بالنسبة لك كما كانت بالنسبة لي وللكثيرين.
اقرأ أيضاً:
دائماً ما افكر
لماذا جميع نسخ الانمي من بريزيرك لم تحظى بشعبية المانجا ؟
اتفهم ان ال cgi بالنسخة الحديثة صد الناس عنها
لكن ماذا عن نسخة التسعينات ؟ لماذا لم تلقَ شهرة وتقييماً تناسب جودة القصة التي فيها ؟
[…] الحديث عن Berserk كواحدة من أشهر سلاسل المانغا الكلاسيكية في اليابان […]
عدلوا على المراجعة متأكد 100% حاليا راح اتصير أفضل بكثير عما ما مضى