القاموس هو سفينة تعبر بها محيط الكلمات، فبدون الكلمات لن تستطيع التعبير عن مشاعرك الخاصة أو فهم مشاعر الآخرين، والناس يصعدون هذه السفينة التي ندعوها بالقاموس للبحث عن الكلمات المناسبة التي تعبر عنهم.
والكلمات، هي ضوء يقود الشخص خلال تلك المتاهة التي تمثل مشاعره وأفكاره، هي الضوء الذي يرشدك لتتمكن من التعبير عما يجول في داخل تلك المتاهة الواسعة، ولكن في هذا العالم المتغير على الدوام، قد لا تتمكن دوماً من إيجاد الكلمات المناسبة، فالكلمات كائنات حية كغيرها من الكائنات تولد وتموت، ومن أجل هذا نحن في حاجة إلى سفينة يصعدها الناس وهم مطمئنو البال.
هذا هو القاموس الذي نحاول تآليفه، القاموس الذي سيعرفه الناس باسم الممر العظيم.
لست من محبي كتابة مقدمات فلسفية عند كتابة المراجعات، إلا أنني لم أتمكن من منع نفسي من كتابة هذه الكلمات في البداية، وأعتقد أنها تمثل المعنى الحقيقي لهذا العمل، أو إحدى المعاني الأساسية له، فقد كان أنمي Fune wo Amu من الأنميات الممتعة جداً رغم بساطة قصتها، لكن ما كان خلف معانيها أعمق بكثير.
القصة في أنمي Fune wo Amu
تجري أحداث القصة داخل شركة جينبو للنشر، وبشكل أكثر دقة في قسم تحرير القواميس، أراكي كوهي، محرر مخضرم في هذا القسم، يجب على اراكي التقاعد قريباً من أجل رعاية زوجته المريضة، ولكن بسبب هذا فإنه سيخلف بتقاعده فراغاً في القسم، ولا يمكن أن يحل أحد محله حالياً بسبب نقص الأعضاء فيه، لكنه قطع وعداً بأنه سيجد بديلاً جيداً ليحل محله قبل تقاعده.
في تلك الأثناء يلتقي أراكي عن طريق الصدفة بماجيمي ميتسويا، موظف يعمل في قسم المبيعات في نفس الشركة، ماجيمي هو شخص ذو قدرات اجتماعية ضعيفة وغير قادر على مواكبة الأشخاص الأخرين أو قراءة الأجواء العامة وفهمها، لكنه يتميز بشغف كبير للقراءة وحب للكلمات، بالإضافة إلى شخصيته الفريد، كانت تلك الأسباب التي دفعت أراكي ليختاره ليحل محله في قسم تحرير القاموس، وإن عمل القسم الحالي هو تأليف قاموس جديد يدعى بالممر العظيم.
عند قراءتي للقصة لأول مرة، لم أشعر بالحماس أو الفضول لمشاهدة العمل، فهي تبدو في ظاهرها قصة مملة، بالأحرى مهما قرأتها فسأجد أنها تدفعني للشعور بالنعاس، لكن الإبداع الحقيقي هو في جعل قصة كهذه عملاً متميزاً وممتعاً، وأعتقد أنني حصلت على متعة كبيرة خلال مشاهدتي لهذا العمل.
الشخصيات ودورها في العمل:
كأنمي قصير من تصنيف الدراما والشريحة من الحياة مع قصة منتهية، لم يكن هناك وجود لمسار أحداث معقد أو محاولة صنع حبكة فلسفية ما، بل اتصفت بالبساطة والوضوح إلى حد ما، لكن هذا كان من الأسباب التي جعلت هذا العمل جيداً، فهي بدءاً من الفكرة الأساسية لها التي تتحدث عن العمل على تأليف القاموس، إنتهاءاً بالعلاقات التي ستنشأ بين الشخصيات.
لن تشعر بالملل أبدأً، فالشخصيات كانت بسيطة وواقعية، بالأحرى أحببت الشخصيات بشكل خاص، فلم أجد شخصية مملة أو جانبية بينهم، وكل واحدة منها مثلت دوراً مهماً في إنشاء العمل، ورغم قصر الوقت الذي أمضيته مع هذه الشخصيات، فقد جذبت تماماً لهم، ربما يكون رأيي الشخصي لكن شعرت أيضاً أن كل شخصية منهم تمثل عبرة تنعكس على جزء من الحياة الحقيقية، أعتقد أنني تعلمت بعض الأشياء بسببهم أيضاً.
من ناحية أخرى، عند النظر لهذا العمل، فرغم بساطة القصة وفكرتها المبدئية، فإنها تحمل بين سطورها العديد من الأمور المختلفة، العديد من العبر، العديد من المعاني، والعديد من الكلمات، سترى بعضاً من المفاهيم الأدبية كما لم ترها من قبل، وستبحر في بحر الكلمات الواسع المتواجد في هذه القصة القصيرة.
الأمر الوحيد الذي كان محزناً بالنسبة لي هو عدد الحلقات، كان يمكن للأنمي أن يمتد لعدد أكثر من الحلقات ويعطينا المزيد من الوقت مع هذه الشخصيات، وربما بعض الأمور التي لم نستطع رؤيتها بسبب قصر هذا العمل.
الرسم والمؤثرات الصوتية:
إن كان علي وصف ما يميز الرسومات ي هذا العمل فسأقول باختصار البساطة، كان الرسم بسيطاً جداً، وهذه ليست نقطة سيئة أبداً، كما في تصميم الشخصيات مثلا، كان التصميم مناسباً جداً للعمل، رغم وجود بعض الأماكن التي وجد بها بعض المشاهد الضعيفة قليلاً، إلا أنه لأنمي بسيط فهو لا يحتاج أكثر من هذا، وكان يتميز بعض الخلفيات الجميلة والتي كانت مريحة للناظر بوجهة نظري، وبشكل عام كان الرسم جيداً في هذا العمل، وكرأي شخصي أحببت الرسومات به.
بالنسبة للمؤثرات الصوتية فقد كانت مناسبة للعمل، رغم أنه لم يكن هناك أي شيء مميز منها أو يثير الاهتمام بالنسبة لي.
ككل:
أنمي Fune wo Amu كان تجربة مليئة بالمتعة في كل لحظة من لحظاته، رغم أنه ليس بذاك العمل الممتاز من العديد من النواحي، إلا أنني أحببته بشكل خاص، فقد أراني معان جديدة لما يمكن أن نراه في الكلمات، وبنفس الوقت أظهر لي جانباً أخر لما يمكن إدخاله من متعة في قصة بسيطة.
اقرأ أيضاً:
تقرير جميل اعتقد انني سأخصص وقتا له ان كان سيعطيني استبصار جديد